إنّهُ شهر مسبحة الورديّة المقدّسة يَطِّل علينا نَتبارك مِنّهُ.
وفي العام ١٩١٧ ظهرت العذراء في فاتيما في البرتغال وطلبت من ثلاثة أطفال أن يصلّوا الورديّة، وعرّفتهم عن ذاتها بقولها: "أنا سيدة الورديّة، وقد جئت أحثّ المؤمنين على صلاة المسبحة كلّ يوم، وعلى القيام بأماتات تكفيراً عن خطاياهم ولكي يغيّروا حياتهم.
وكان التغيير الآخير على الورديّة هو أن أضاف يوحنّا بولس الثاني خمسة أسرارٍ أخرى على هذه المسبحة هي أسرار النور.
"لماذا ينبغي أن نتلو صلاة مملّة؟"، "ما هو معنى ترداد الصلوات بشكل مستمرّ؟"، "لا أجد نفسي في هذه الصلاة الطويلة!"، "ألم يقل يسوع أن ليس بكثرة الكلام يُستجاب لكم؟"، "أفضّل أن أصلّي مرّة واحدة الأبانا والسلام بتمعّن على أن أردّد صلاة المسبحة الورديّة دون فهم"، "إنّها صلاة العجزة، وهي ليست لي"… هذه وغيرها من الإنتقادات، والآراء نسمعها كلّ مرّة نتكّلم فيها عن صلاة المسبحة الوردّية.
عيبنا أنّنا نجهل معنى هذا الصلاة، والمُحزن هو أنّنا لم نختبر النعم التي يُغدقها علينا الرّب بشفاعة الأمّ الحنون، أمّه وأمّنا مريم.
فنحن معها نصلّي للرّب يسوع، معها مريم نصلّي المسبحة ليسوع، فهو وحده هدف كلّ صلاة، ومريم هي المعلّمة في الإيمان وفي حياة الرّوح، معها نسير نحو ابنها، اليه تهدينا، تعلّمنا معنى التتلمذ والمثابرة على القداسة، وتعطينا أداة تساعدنا على البلوغ نحو الهدف: مسبحة الورديّة، تختصر في أسرارها أحداث حياة يسوع، سلسلة من نور وحبّ تربط التلميذ بمعلّمه وتربطنا بعضنا ببعض في رباط من صلاة ومحبّة.
هي سلسلة من حبّ ونور تبدأ بالصليب وتنتهي بالصليب، لنعلم أن المسيح هو بدايتنا ونهايتنا، هو من دعانا بنعمته اليه، واليه تبلغ مسيرتنا لنصل الى القداسة حين نتّحد به.
وفي هذا كلّه مريم حاضرة، هي المعلّمة تقودنا نحو ابنها، نتمتم صلاة الملاك في كلّ خطوة، نكرّر الصلاة لمريم ومع مريم ليسوع، ومعها نتأمّل في أسرار حياة ابنها وفي عمله الخلاصيّ، لنتعرّف كيف نصبح تلاميذ السيّد كلّ يوم أكثر. آمــــــــــــين.