إنّهُ شهر مسبحة الورديّة المقدّسة يَطِّل علينا نَتبارك مِنّهُ.
لماذا نصلّي الى مريم؟ لأنّها أمّ الله وأمّنا، ولأنّها الشفيعة والمثال لكلّ واحد منّا في التتلمذ ليسوع.
لقد سارت مريم على درب التتلمذ فكانت التلميذة الأمينة، لم تكن تملّ من التعرّف كلّ يوم أكثر على سرّ ابنها.
والى جانب كونها التلميذة الأمينة الوفيّة لسرّ يسوع، صارت مريم أيضاً المعلّمة في الإيمان، تعلّم تلاميذ الإبن كيف يحيون سرّ الوفاء للمسيح.
نصلّي لمريم لترشدنا الى طريق الإبن، ومعها نصلّي الى المسيح هدف كلّ صلواتنا، حتى عندما نصلّي المسبحة ونرّدد مرْة تلوة الأخرى اسم مريم، فأنّنا نصلّى الى المسيح، مع مريم نصلّي الى السيّد المسيح ونرفع له وجودنا باسره عبر صلاة والدته القدّيسة.
صلاة المسبحة هي صلاة كنسيّة، لأنّها صلاة أبناء الكنيسة مع مريم أمّ الكنيسة، يرفعون صلاتهم نحو الآب والإبن بالرّوح الّذي يعطي الكنيسة القدرة على الصلاة.
هي صلاة ولدت في الكنيسة، ترفعها الكنيسة حتى حين تتلى بشكل فرديّ.
هي ليست صلاة ليتورجيّة، ولكنّها صلاة كنسية، أغنت الكنيسة بنعمها، تلاها القدّيسون ونشروها أينما كانوا وسيلة عبادة لله وأكرام لأمّ يسوع القدّيسة.
صلاة المسبحة هي صلاة انجيليّة، بصلاتها يحيا المؤمن من جديد أعمال السيّد الخلاصيّة، فيتأمّل في تجسّده في حشا مريم ساعة البشارة، وولادته في مغارة بيت لحم، وصولاً الى موته وقيامته، صعوده وإرساله الرّوح القدس.
يمكن للمسبحة الورديّة أن تكون خير وسيلة للتحضّر الرّوحي للقدّاس الإلهيّ، ولكن لا يجوز لها أن تحلّ مكان الإفخارستيّا أو أن تتزامن معها.
كما أن مريم احتجبت ليعتلن سرّ ابنها، وجعلت نفسها خادمة سرّ يسوع الفصحيّ، كذلك تصبح صلاة المسبحة في خدمة سرّ الإفخارستّيا، تهيّئ المؤمن روحيّاً للدخول في سرّ الأسرار وتحتجب لحظة يبدأ الإحتفال بالسّر.
كما أنّه لا ينبغي أن نغفل عن أهميّة التأمّل في الأسرار، أي في الأحداث الخلاصيّة التي أتمّها الله في تاريخ شعبه، وهكذا تصبح صلاة المسبحة تأمّلاً مصليّاً في الإنجيل، نعبر عبرها في جميع مراحل حياة المعلّم علي الأرض وصولاً الى إتمام عمل خلاصنا والدخول في المجد السماويّ. آمــــــــــــين.