إنّهُ شهر مسبحة الورديّة المقدّسة يَطِّل علينا نَتبارك مِنّهُ.
الوردية هي التأمل مع مريم في وجه يسوع، مريم هي المثال الأكمل للتأمل كونها أم يسوع، عاشت معه طيلة حياته.
ومن فوائد هذا التأمل أنه يقود إلى قلب الحياة المسيحية لأن صلاة الوردية هي موجز ومختصر للإنجيل وهي التذكر الدائم لحياة يسوع بكل مراحلها، تجسده، حياته العلنية، موته وقيامته.
أقول أتأمل مع مريم لأنّه لا أحد أقرب منها ليسوع، هي حظيت بتأمل وجه إبنها منذ البشارة وحتى القيامة.
قداسة البابا إختصر نظرات مريم ليسوع بخمس نظرات أخذهم من الإنجيل:
١) - النظرة الأولى: النظرة الإستفهامية: لما أضاعت مريم يسوع وكان عمره ١٢ سنة ووجدته في الهيكل.)
٢)-النظرة الثانية: النظرة الثاقبة: في عرس قانا الجليل عندما نظرت إليه وقالت له ليس عندهم خمر.) .
النظرة المتأ جة: نار العنصرة.ومن هنا ولكي أكون مع مريم، المطلوب منّي أن أضع نفسي وأدمج ذاتي مع ذكريات مريم من حين ولدََت يسوع حتى القيامة.
وبدون التأمل بالوردية تصبح الوردية جامدة وناقصة ومن دون روح تتعرض تلاوتها لخطر الترداد.
عندما نتأمّل بتاريخ المسبحة الورديّة، من البديهي أن نتوقّف عند اهتمام العذراء الكبير فيها، وإلحاحها الشديد على تلاوتها في كلّ رسائلها الموجّهة للعالم.
وهذا ما يثبت لنا فعاليّة هذه الصلاة وتأثيرها العميق في الحياة الروحيّة، ومدى وقعها الطيّب والمستحبّ على قلب مريم.
وبالتالي رضى الله تعالى وموافقته على أخذها كصلاة إلهيّة لها دور كبير في السمو والكمال الروحيّ وخلاص النفوس.
وما يثبت لنا رفعة وشرف هذه الصلاة أيضًا، أقوال الأحبار والملافنة المشجّعة لها، ومديح من أصبحوا قدّيسين فكانت قداستهم شهادة وبرهانًا قاطعًا على سمو هذه الصلاة العجائبيّة، التي اقبل على تلاوتها المؤمنون عبر الأجيال فخصّوها بمنـزلة رفيعة، وعاشوا تأملاتها، ووصلوا بفضلها إلى أسمى المراتب الروحيّة: وهي الاقتداء بالمسيح والاتحاد به.
وانّ العجائب الكثيرة الباهرة والنعم الغزيرة التي حصل عليها من واظب على تلاوتها، لا تحصى ولا تعدّ وأخبارها تتناقلها الأجيال ونسمعها من آبائنا وأجدادنا، فتُخبر عن مجد وعظمة السيّدة العذراء سلطانة الورديّة المقدّسة، تلك الأم الحنون وشفيعة من طلب شفاعتها واحتمى بكنفها.
فكانت تلك الثوابت ردًّا على كلّ من سمحت له نفسه بإنكار فعاليّة وأهميّة هذه الصلاة، أو الاستخفاف بها، ونقضًا لكلّ الأقاويل الخاطئة وخصوصًا منها، لمن يدّعون بأبناء العصر المتمدّن والمتقدّم، قولهم: بأنّ المسبحة هي “موضة قديمة” وبالتالي فهي “للعجائز وللراهبات في الأديرة”. وفي الحقيقة آمــــــــــــين.