معمودية يوحنا كانت للتوبة، وللحث على الاعتراف بالخطايا.
حتى لا يظن الواحد أن الرب يسوع يأتي من أجل كل ذلك، يستدرك السابق الأمر ويدعوه أولا "حمل الله" ومخلص العالم من الخطيئة كلها.
طبعا الذي بإمكانه أن يرفع خطيئة العالم كلها، ينبغي له أن يكون بلا خطيئة.
لم يقل: "ها أنا ، بل قال بالحري: "ها هو حمل الله ، الحامل خطايا العالم" ( يوحنَّا ١ / ٢٩ ).
هذا لكي تتقبل كل ما يجري أمامك.
وإضافة إلى ذلك، أن تتحقق أنه يأتي إلى المعمودية لكي يتمم تدبيرا آخر وأبعد.
لذلك عند اقتراب الرب يسوع من يوحنا، قال له هذا الأخير: وأنت تطلب المعمودية؟ خشي أن يقول له ذلك.
ماذا قال؟ " وأنت تأتي إلي!".
لماذا ظهر الروح القدس بشكل حمامة؟
- الحمامة حيوان أليف طاهر.
- وبما أن الروح القدس هو روح وداعة، لذلك تراءى بشكل حمامة.
- ومن ناحية أخرى، هذا يذكرنا بقصة تاريخية قديمة، عندما غمر الطوفان كل المسكونة، وكاد الجنس البشري أن يفنى، كانت الحمامة الطائر الذي بين بوضوح نهاية الغضب الإلهي، حاملة في منقارها غصن زيتون، كخبر مفرح يعلن السلام العام.
كل ذلك كان رسما لما سيحدث لاحقا.
كانت حالة الناس أبشع بكثير من حالتهم الحاضرة، وكانوا يستحقون عقابا أكبر.
فلكي لا تيأس أنت الآن، يذكرك هنا بتلك الحادثة القديمة: حين كان الرجاء مفقودا، وجد حل وإصلاح. كان الطوفان في ذلك الوقت تأديبا، وأما الآن فقد جاء الحل عن طريق النعمة والعطية الجزيلة.
لذلك ظهرت الحمامة، لا تحمل غصن زيتون، ولكنها تشير إلى الذي سيخلص من كل الشدائد، وتبسط أمامنا رجوات صالحة، لأنها لا تخرج إنسانا من الفلك، بل تقود ظهوره المسكونة كلها إلى السماء.
لا تحمل غصن زيتون، بل البنوة للبشر كلهم.
الآن، وقد أدركت قيمة العطية، لا تحسب أن قيمة الروح ناقصة، بسبب ظهوره بشكل حمامة.
أسمع البعض يقول إنه كما يختلف الإنسان عن الحمامة كذلك يختلف المسيح عن الروح، إذ ظهر المسيح بصورة طبيعتنا الإنسانية، بينما ظهر الروح القدس بصورة حمامة.
فبم نجيب عن كل ذلك؟ إن ابن الله اتخذ طبيعة الإنسان، بينما الروح القدس لم يأخذ طبيعة الحمامة.
لذلك لم يقل الإنجيلي أن الروح ظهر "بطبيعة حمامة"، بل قال "بشكل حمامة".
ولم يظهر الروح بعد ذلك بهذا الشكل، بل هنا فقط.
فإن اعتمدت على هذه المقارنة، وحسبت أن كأن الروح قد صغر لهذا السبب، فسوف تجد أسمى من الروح بكثير، كسمو، النسر على الحمامة، لأن ظهرت بشكل نسر. كذلك تجد الملائكة أعلى بكثير، لأنهم يظهرون بشكل بشر.
لكن، طبعا، كل ذلك غير صحيح. الحقيقة شيء والتدبير شيء.
التنازل شيء، والظهور العابر شيء آخر.
لا تكن إذن ناكر الجميل نحو المحسن، ولا تنسب عكس ما يجب أن تؤديه إلى الذي وهبك ينبوع الغبطة.
حيث تكرم البنوة، يضمحل الشر، وتمنح الصالحات كلها.
لذلك بالضبط ينتهي دور المعمودية اليهودية وتبتدىء معموديتنا.
ويجري في المعمودية ما يجري في الفصح.
ينتهي دور الواحد ويبتدىء دور الآخر. هنا أيضا، بعد إتمام المعمودية اليهودية تنفتح أبواب معمودية الكنيسة.
ما يجري على المائدة يجري الآن على النهر.
يؤكد على الظل، ولكنه يضيف الحقيقة، لأن نعمة الروح القدس كائنة في معمودية يسوع المسيح فقط، ، بينما معمودية يوحنا لا تتضمن مثل هذه العطية.
ولذلك لم يحصل للمعمدين الآخرين ما حصل للرب يسوع المسيح، لأنه هو من سيعطي هذه الموهبة." آمــــــــــــين.