HTML مخصص
26 Jan
26Jan

في هويّة الخدمة الكهنوتيّة


السيّد المسيح، الذي “قدّسه الآب وأرسله إلى العالم” ( يوحنَّا ٣٦ /١٠ )، “لم يأتِ ليُخدَم بل ليَخدم ويبذل نفسه فداءً عن الكثيرين” (متى ٢٠/٢٨)، وقد أشرك جسده السرّيّ كلّه بكهنوته بحيث يصبح المؤمنون جميعهم كهنوتًا مقدّسًا وملوكيًّا.

ثمّ أقام فيهم خدّامًا يتمتّعون بسلطان الكهنوت المقدّس ليمارسوا علنًا باسمه رسالته الخلاصيّة بين البشر وخدمته في التعليم والتقديس والتدبير.


والكاهن، في موهبة الروح القدس التي ينالها من الأسقف بوضع اليدّ وفي الخدمة التي يتسلّمها، يشترك في كهنوت المسيح ويدخل في شركة خاصّة ومميّزة مع الآب والابن والروح القدس، بحيث يرسله الآب بواسطة الابن ليعيش ويعمل بقوّة الروح القدس لخدمة الكنيسة وخلاص العالم.

ويشترك من ناحية ثانية بمهمّة الأسقف بصورة تربطه دومًا به ليصبح معاونًا له في الخدمة التي ائتمنه عليها.

من هنا يصبح الكاهن مؤتمنًا على “وديعة” تسلّمها من الثالوث بالذات بواسطة الكنيسة المقدّسة، “لأجل بنيانها وثباتها وتمجيدًا للثالوث الأقدس”.

ولنشر البشارة وخدمة المذبح ورعاية الشعب الموكل إليه.

ويصبح في عداد الكهنة “أبناء الخدمة”، كما يحلو للبيعة أن تدعوهم وهم “الذين قدّسهم المسيح وزيّنهم وكمّلهم واختارهم وائتمنهم على أسراره الإلهيّة وعلى كنوز ملكوته وسلّمهم مفاتيح تلك الكنوز ليوزّعوها على المحتاجين” .

“وديعة الكلمة” أو خدمة البشارةالكاهن إنسان مؤتمن، بطبيعة كهنوته، على خدمة الكلمة وبشارة الملكوت.

فهو يجمع شعب الله أوّلاً بكلمة الله الحيّ التي من حقّه أنّ يسمعها كاملة من فم الكاهن ، ويبشر الجميع بالإنجيل ليكوّن شعب الله وينمّيه متمّمًا وصيّة الربّ “اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلّها” (مرقس ١٦/١٥).

لذا فإنّه يركّز خدمته على التعمّق بكلمة الله من أجل إعلانها والتبشير بها في كلّ مناسبة.

وهذا التعمّق يجعل منه “معلّمًا يقف حياته على درس كلمة الله وتسليمها خالصة إلى البشر” .

فإن وعظ علنًا المؤمنين أو بشّر غير المؤمنين بسرّ المسيح أو لقّن التعليم المسيحيّ أو شرح عقيدة الكنيسة، فهو لا يعلّم حكمته الخاصّة بل كلمة الله.

فيكون بذلك “يخدم تعليم الربّ الصادق والإلهيّ” ويعمل على “تثبيت البيعة وحفظها”.

في فهمها وعيشها وشهادتها لسرّ التدبير الخلاصيّ.

وما الكنيسة بحسب اللاهوت السريانيّ إلاّ جماعة هذا التدبير. آمــــــــــــين.



/الخوري جان بيار الخوري/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.