"ما نقتدي به بشفيعنا النّبيّ يوحنّا المعمدان هو شجاعته وجرأته في كلامه عن الله وعن الرب يسوع المسيح وفي دعوته النّاس إلى التّوبة.
عندما نتكلّم عن الرب يسوع المسيح يجب أن نتكلّم بجرأة وإلّا فلنصمت.
الكلام عن الرب يسوع المسيح لا يحتمل أن يكون خجولًا أو عارجًا أو متلكّئًا أو بين بين.
إمّا أن نتكلّم بجرأة وإمّا أن لا نتكلّم.
"لأنّك لست حارًّا ولا باردًا كدت أن أتقيّأك من فمي".
يقول لنا الله بفم يوحنّا الإنجيليّ.
على أيّ حال كلام الرب يسوع المسيح لا يستطيع أن يتكلّم به إلّا الشّجعان: النّبيّ إيليّا، والنّبيّ يوحنّا المعمدان إيليّا الثّاني كما سمّاه المسيح ، والسّيّدة العذراء، وبولس الرّسول وغيرهم الكثير الكثير من الشّهود.
أزمة المسيحيّين في هذه الأيّام بنوع خاصّ هي أزمة شجاعة.
وقد نبّهنا الرب يسوع المسيح إلى ذلك بقوله لنا: "من يستحيي بي وبكلامي قدّام النّاس أستحيي أنا به قدّام أبي الّذي في السّماوات".
قول المسيح قاطع كالسّيف.
الألوان الباهتة والأضواء الخافتة والأصوات الهامسة لا تليق بالمسيحيّ وليست من شيمه ولا من أخلاقه.
قيمة الإنسان لا تأتيه من الإنسان، أيّ لا تأتيه من أعماله ولا من مواهبه ولا من مديح النّاس له عليها، بل قيمة الإنسان تأتيه من الله.
إنّ قيمتنا نحن البشر هي أنّنا أبناء الله، ومن دون الله لا قيمة للإنسان.
إنّ قيمتنا نحن من قيمة الله.
إنّ الله وحده هو الّذي يضفي على حياتنا المعنى والفرح والسّلام ويمنحنا الخلاص.
وبقدر ما نكون قريبين من الله تكون قيمتنا كبيرة.
حاول الكثيرون عبر التّاريخ وما زال الكثيرون يحاولون إلى اليوم أن ينفوا الله من حياتهم ومن حياة النّاس بشتّى الوسائل حتّى إنّ أحدهم قال يومًا متهكّمًا: "أبانا الّذي في السّماوات ابقَ فيها".
لكنّا نحن المسيحيّين المؤمنين بالرّبّ يسوع والتّابعين لوصاياه والملتزمين تعاليمه نعترف أنّ الإنسان من دون الله لا يعود إنسانًا.
إنّا نلمس ذلك يوميًّا في ما نرى حولنا حيث المادّيّة وما معها من مذاهب إلحاديّة تنفي الله من الوجود لتُحلّ محلّه آلهة من صنع البشر سبق صاحب المزامير ووصف أخلاقها المسفّة وبُعدها عن الإنسان وما تخلّفه فيه من قلق وخوف ومن شرّ.
لكنّ هناك في الحياة ما هو غير شهادة يوحنّا المعمدان يستحقّ هو أيضًا أن يمتدحَه الرّبّ وقد امتدحه حقًّا. هناك العبد الأمين، والعبد الحكيم، وأنقياء القلوب وصانعو السّلام والحزانى والمضطَهَدين... وإيمان الكنعانيّة وغيرها، هؤلاء كلّهم وغيرهم الكثير طوّبهم وامتدحهم وكافأهم الرّبّ.
فالمجال لنيل مديح الرب يسوع هو واسع جدًّا وفي وسع كلّ واحد أن يحصل بطريقته على مديح الرب يسوع المسيح.