معمودية يسوع تذكّرنا بمعموديتنا، التي منها هويتنا المسيحية ورسالتنا.
الهوية : هي ولادتنا الروحيّة الثانية من الماء والروح، وبواسطتها جُعلنا خلقاً جديدًا، إذ صوّرنا الروح القدس على شبه المسيح، فدُعينا “مسيحيين”.
بهذه الولادة الجديدة أصبحنا أعضاء في جسد المسيح الذي هو الكنيسة، وهذا يعني أنّ المسيح حاضر في الكنيسة والمجتمع من خلالنا، نحن أعضاء جسده الروحيّين، ويواصل عمله الخلاصي بواسطتنا.
كما تعني عضويتنا في جسد المسيح الإلتزام بالشركة في بُعدَيها : العمودي أي الاتّحاد مع الله بالمسيح ، والأفقي الوحدة بين جميع الناس.
أمّا الرسالة فهي الشهادة لمحبة المسيح بالأفعال والمبادرات والمواقف.
عيد الغطاس والظهور الإلهيّ ، يدعونا إلى الإرتداد إلى الله ، وأن نعيش بسلام مع الله والذات ومع بعضنا البعض.
ومن أجل أن نعيش الغفران والمصالحة في محيطنا الكنسي والاجتماعي، فنصبح هكذا أبناء الله بحكم المعمودية ومسحة الميرون ، وبالعيش في سلام مع الآخر مهما كان بتواضع وصبر ومحبة.
وحدهم المتواضعون الودعاء ينعمون بوفرة السلام الذي لا يُسبر غوره ، كما نقرأ في ( المزمور ٣٧ / ١١ ).
إنّ المسيح ، الذي دشّن بميلاده حالة الشركة ، قد أسّس الأخوّة الحقيقيّة بين الناس، التي تنبذ الانقسام والعداوة.
كتب بولس الرسول : ” المسيح هو سلامنا، فقد جعل من الجماعتَين ، بعدما أحلّ السلام بينهما، إنساناً جديداً واحداً، وأصلح بينهما وبين الله إذ جعلهما جسداً واحداً بالصليب المُقدّس ، وبه قضى على العداوة” ( أفسس ٢ / ١٤ – ١٦ ).
إنّ يسوع المسيح ، ابن الله القدّوس ، المجهول من الناس في ألوهيته ، مشى مع الخطأة نحو يوحنا المعمدان في نهر الاردن ، ملتمساً معمودية التوبة ، وهو لم يرتكب أي خطيئة.
لكنّه فعل ذلك لكي يتضامن مع الخطأة ويحمل خطاياهم ، ويتفهّمهم ، ويحاورهم حوار الحقيقة والمحبة ، من أجل أن يهديهم إلى نور الله الخلاصي ، وسيموت على الصليب فداءً عنهم وعن البشرية الخاطئة.
فكان الحوار بين السماء والأرض، بين الله والبشر بالظهور الإلهي ، وكانت الدعوة إلى الحوار مع الله والناس. آمــــــــــــين.