مِنَ الشائع عندنا أنَّ اليهود كانوا بإنتظار ملك أرضي، وقائد عسكري على رأس جيش من الثوّار لِيُخلِّصهم من الإستعمار الروماني.
إلّا أنَّ الحاخامات والربّانيّين كانوا في الحقيقة بإنتظار مخلص من نوع آخر... كانوا بإنتظار موسى جديد وفصحاً جديداً وخروجاً جديداً من أرض العبوديَّة الى أرض الميعاد!
بالفعل أتاهم موسى الجديد لكن بطريقة غير مُتوقَّعة : على ظهر جحش بن أتان!
مُدشِّناً خروجاً جديداً وعهداً جديداً، ليدخل أورشليم السماويَّة، أرض الميعاد الجديدة،بصلبه وآلامه، بموته وقيامته بعد ثلاثة أيّام!
فرحوا جدًّا فهتفوا من دون أن يدروا :
مباركٌ ملك إسرائيل! لكنَّهم فوجِئوا بملك ضعيف، مُتألِّم مُستهزأ به، مصلوب مثل اللصوص، على خشبة العار حيث لفظ أنفاسه الأخيرة مائتاً مثل بقيَّة الناس! مُتمِّماً في شخصه القدّوس نبوءات العهد القديم خصوصاً نبوءة أشعيا عن العبد المُتألِّم (أشعيا ٥٣)!
ونحن مثل هؤلاء لا نقبل تجربة الألم ولا الضعف ولا المهانة، بل نرفضها ونثور عليها ،لنصلبها مع المسيح المصلوب!
لكن لا قيامة من دون صليب ، لا قيامة من دون جلجلة وموت، من دون صلب الأهواء والشهوات ومن دون إنكار للذات!
يقول أحد الآباء القدّيسين : "إن لم تَمُت قبل أن تموت فسوف تموت عندما تموت!"