قبل هذا شرح المسيح أنه هو الذي نهب أمتعة القوي بعد أن دخل بيته وذلك بعد أن ربطه أولًا. والسيد المسيح حررنا كمؤمنين من سلطان إبليس.ولكن السيد المسيح هنا يحذرنا لئلا نبدأ الطريق ولا نكمله، فإننا بعد أن حررنا المسيح، علينا أن نجاهد لنستمر أحرارًا. وذلك بأن نرفض طريق الخطية، وأن نصلي باستمرار ونمارس وسائط النعمة، نسهر على خلاص نفوسنا ونستعد لليوم الأخير، أماَ من يهمل ويرتد فسيعود له الشيطان وبقوة أكبر، فهو لا يجد راحته إلا في العودة من حيث طُرد، وهكذا يبقى متربصًا لعله في تهاوننا يرجع بصورة أشر وأقوى لكي يسكن فينا من جديد. هذا حال من بدأ بالروح وأكمل بالجسد (غل 3:3) وهذا هو حال اليهود الذي يوجه السيد كلامه إليهم، إذ هم بسابق علاقتهم مع الله ووجود الله في وسطهم، فكأنهم تمتعوا بطرد إبليس من قلوبهم، لكنهم إذ جحدوا الرب وجدفوا عليه صاروا أشر مما كانوا عليه قبل الإيمان ليس فيها ماء= أي يطوف باحثًا عن شخص خلا من الروح القدس ليحتل قلبه.
والشعب اليهودي حين كان في مصر مستعبدًا، يعيشون حسب نواميس المصريين المملوءة دنسًا سكن الروح النجس فيهم، ولكنهم خلصوا بواسطة موسى خلال رحمة الله وتقبلوا الشريعة، حينئذ طُرِد منهم الروح النجس، والآن بجحدهم للمسيح هاجمهم الروح النجس من جديد فوجد قلبهم فارغًا، خاليًا من مخافة الله، كما لو كان مكنوسًا مزينًا، فسكن فيهم. والعكس فالروح القدس إذ يجد قلبًا نقيًا يطلب الله، يأتي ويسكن عنده.
أواخر اليهود كانت على يد تيطس سنة 70 م. أشر من أوائلهم في مصر إذ كانوا فقط مجرد عبيدًا للمصريين.
ليس فيها ماء= كان اليهود يظنون أن البرية هي مكان الشياطين. ونلاحظ عمومًا أن الماء يرمز للروح القدس (أش 1:44-4 + يو 37:7-39). والشيطان لا يستطيع أن يغوي إنسان مملوءًا بالروح القدس.
يطلب راحة = الشيطان يجد راحة في احتلال أجسام البشر. ليؤذيهم ويبعدهم عن الله، فهذه راحته
أرجع إلى بيتي = فهو إن لم يجد إنسان آخر يدخل فيه يعود لمن خرج منه. ولنطبق هذا على اليهود، فالشيطان خرج منهم إذ أخرجهم موسى من أرض مصر وسكنوا في أرض الميعاد، ثم سكن في الأمم الوثنيين، لكنه ظل متربصًا بالمكان الذي خرج منه، فالأمم كانوا أماكن ليس بها ماء. ولما جحد اليهود المسيح وصلبوه، صاروا هم أماكن بلا ماء، فرجع الشيطان إلى بيته ومعه سبعة أرواح آخر أشر منه. وهذا ما حدث، فحسب وصف المؤرخ يوسيفوس عن حال اليهود قبل خراب سنة 70 م. على يد تيطس، نرى فعلًا أن حال اليهود صار من أردأ ما يمكن أخلاقيًا كإنما استولى عليهم لجيئون واندفعوا في شرورهم جدًا. مكنوسًا مزينًا = إذا عاد الإنسان لسيرته الأولى (2بط 20:2-22) ولم يحصن نفسه بعبادته لله. أشر منه= إذًا الشياطين متفاوتين في القوة والشر والخداع، لكن من يتحصن بالله ينجو منهم فاسم الرب برج حصين.
مكنوسًا = ليس فيه أثر لكلام المسيح إذ ترك جهاده. مزينًا = فيه صور الخلاعة في القلب. ولاحظ فالشيطان حين يخرج من شخص يظل يجول باحثًا عن شخص آخر يؤذيه، فعمله هو أذية الناس. وإن لم يجد آخر يعود للشخص الذي خرج منه ليحتله ثانية ويؤذيه. فهو حقود لا يحتمل نجاة إنسان من يده.
#كلمة حياة
/خادم كلمة الرب/