إنتهز السيد فرصة سؤال الكتبة والفريسيين عن عدم غسل التلاميذ أيديهم حينما يأكلون خبزًا، ليوبخ اليهود على عبادتهم الزائفة إستنادًا على سنن باطلة وكان السيد يريد هنا التركيز على الطهارة الداخلية وليس الخارجية فبها نرى الرب ونشبع به. ولقد تعود اليهود على غسل كل ما تمتد إليه أيديهم كما يشرح معلمنا مرقس حتى لا يكون ما يمسكون به دنسًا (في نظرهم أن الشيء يتدنس مثلًا لو لمسه أممي وثني). ومرقس لأنه يكتب للرومان الذين لا يعلمون شيئًا عن عادات اليهود اضطر لشرح عادات اليهود (3:7-4). ولكن متى إذ يكتب لليهود لم يضطر لهذا. وغسل الأيادي والأباريق هي عادة من التقليد وليس من الناموس وقد وضعها الفريسيون زيادة على أوامر الناموس. وهذا التقليد تمسك به اليهود جدًا حتى أن الرابى أكيبا إذ سُجِنَ ولم يكن له أن يحصل إلاَ على قليل من الماء لا يكفى غسل يديه فضل الموت جوعًا وعطشًا من أن يأكل دون أن يغسل يديه. ويسمون الأيدي غير المغسولة أيدي دنسة (مر2:7). ولاحظ أن الجماهير البسيطة أدركت من هو المسيح وصارت تنعم بالشفاء إذ تلمسه، أما هؤلاء المتكبرين، فلقد أعمت كبرياؤهم عيونهم فأخذوا منه موقف الناقدين والمُجَرِّبين. هؤلاء بسبب حسدهم رفضوا الكلمة الإلهي وقاوموه إذ تصوروا أنه جاء ليسحب الكراسي من تحتهم أو يغتصب مراكزهم. وهكذا كل من يفرح ويتلذذ بشهوة عالمية، تجده يقاوم المسيح لأنه يتصور أن المسيح سيحرمه من شيء يحبه، بينما أن المسيح يريد أن يشفيه. وهنا السيد المسيح يهاجم تقليد الفريسيين وأباء اليهود الذي يعارض الكتاب المقدس. فالكتاب المقدس في ناموس موسى أوصى بإكرام الوالدين وهذا يشمل سد احتياجاتهم المادية. ولكن الآباء اليهود من أجل منفعتهم الشخصية وإستفادتهم من أموال الناس وضعوا لهم تقليد مخالف لناموس موسى= من قال لأبيه أو أمه قربان هو الذي تنتفع به منى = وهذا يعنى:-
1) أن المساعدة التي أقدمها لك ياأبى سأمنعها عنك وأقدمها للهيكل.
2) وهناك رأى آخر أن الشخص كان ينذر كل ما يملك للهيكل بعد وفاته على أن يصرف منه على نفسه في مدة حياته ولا يعطى لأبويه المحتاجين وهذا معنى قوله قربان= أي سيقدم للهيكل.
3) مَنْ يقدم للهيكل عطايا كانوا يعفونه من الإنفاق على والديه.
ولا يفهم قول المسيح ضد تقليد اليهود أنه ضد أي تقليد، بل هو ضد التقليد إذا خالف الكتاب المقدس فكنيستنا تؤمن بالتقليد لماذا؟
1) الكتاب المقدس نفسه محفوظ لنا بالتقليد، فمن قال أن هذه الأسفار هي الأسفار القانونية، فهناك أسفار غير قانونية. من الذي حدد القانوني من غير القانوني سوى تقليد الآباء الذين حددوا الأسفار القانونية ورفضوا غير القانونية.
2) مَنْ الذي عَلَّم إبراهيم دفع العشور لملكي صادق ومن الذي علّم يعقوب تدشين الأماكن بسكب الزيت ومن الذي عَلَّمَ يوسف أن الزنا حرام ولم يكن هناك ناموس. كان هذا بالتقليد (تك 20:14+18:28+22:28).
3) كيف سارت الكنيسة دون إنجيل مكتوب حتى كتب أول إنجيل؟ بالتقليد.
4) من التقليد اليهودي عرف بولس إسمى الساحرين المقاومين لموسى (2تى 8:3). ونقل يهوذا الرسول مخاصمة ميخائيل لإبليس (يه9) وعرف أيضًا نبوة أخنوخ (يه14). ومن التقليد اليهودي عرف بولس أن الناموس كان مسلمًا بيد ملائكة (غل19:3).
5) بولس يؤكد على التقليد (1كو34:11+2تس6:3) وكذلك يوحنا (2يو 12).
ملحوظة: ولكننا نعيب على المترجم أنه يترجم الكلمة "تقليد" إذا كانت محل هجوم مثل هذا النص. ويترجمها تعليم إذا كان التقليد مهم ومطلوب.
أهلنا يا رب أن نصير شعبا يكرمك من كل قلبه.
آمين.
/خادم كلمة الرب/