"لكن لأني قلت لكم هذا قد ملأ الحزن قلوبكم". [6]
سبق فملأهم السيد المسيح بالفرح (يو 15: 11)، لكن إذ اُمتصت أفكارهم في الضيق ملأ الحزن قلوبهم، ولم يتركوا مجالًا لفرح المسيح أن يملك عليها.
كانت أفكارهم مشغولة بملكوت المسيح الخارجي والمجد الزمني وأنهم يملكون معه، وإذ تسللت أفكار العالم إليهم ملك حزن العالم عليهم.
حزنت مشاعرهم البشرية، لأن رؤيتهم له جسمانيًا تنتهي تمامًا. لكنه عرف ما هو نافع لهم، لأن تلك النظرة الداخلية التي بها يهبهم الروح القدس تعزية بلا شك أسمى...
إذ يسكب نفسه في قلوب الذين آمنوا. عندئذ أضاف: "إنه خير لكم أن أنطلق. لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي. ولكن إن ذهبت سأرسله إليكم".
وكأنه يقول لهم: خير لكم أن يُنزع من أمامكم هذا الشكل الذي للعبد، إذ جاء الكلمة جسدًا بالحق وحلّ بينكم.
لكنني لست أريد أن تستمروا في محبتكم لي جسديًا، وتكتفون بهذا اللبن، مشتهين أن تبقوا أطفالًا على الدوام... إن التصقتم بالجسد بطريقة جسدانية، لا يكون للروح مجال لكم...ماذا يعني "إن لم أنطلق لا يأتيكم الروح القدس" سوى أنكم لا تقدرون أن تقبلوا الرب مادمتم مستمرين في معرفة المسيح حسب الجسد؟ لهذا يقول أحد الذين نالوا شركة الروح: "وإن كنا قد عرفنا المسيح حسب الجسد، لكن الآن لا نعرفه بعد" (2 كو 5: 16).
فإننا الآن حتى جسد المسيح نفسه لم يعرفه بطريقة جسدانية، حيث بلغ إلى المعرفة الروحية للكلمة الذي صار جسدًا.
بالرحيل الجسدي للمسيح كل من الآب والابن كما الروح القدس صاروا حاضرين معهم.
فإن كان المسيح قد فارقهم بطريقة ما ليبقى في موضعه وليس معهم، لكي يصير الروح القدس حاضرًا فيهم، فماذا يعني وعده عندما قال: "هأنذا معكم دائمًا وإلى انقضاء الدهر" (مت 28: 3)، أنا والآب "إليه نأتي وعنده نصنع منزلًا" (يو 14: 23)..
#كلمة حياة
/خادم كلمة الرب/