عاد المسيح من تخوم صور وصيدا بجوار البحر الأبيض إلى بحر الجليل، أي بحيرة طبرية، وصعد إلى الجبل الذي يرمز للارتفاع عن الأمور الأرضية، حتى أن الذين يصعدون إليه يعلنون تمسكهم به في صعودهم، فهم ليسوا مجرد مشاة في الطريق.
وقد يكون ذهب إلى الجبل طلبا للراحة، ولكن الجموع حضرت إليه فاهتم بهم.
"إله إسرائيل": يبدو أن الجموع كانوا من الأمم فلما شفاهم المسيح، مجدوا إله إسرائيل، لأنهم يعرفون أن المسيح يهودي.أعلنت الجموع حاجتها إلى المسيح، فقدموا إليه أحباءهم من المرضى بأنواع الأمراض المختلفة، فشفاهم جميعا بحنانه، حتى تعجّب الجموع لسلطانه الإلهي في شفاء جميع أنواع الأمراض.
وهذا يرمز روحيا لقدرة المسيح، له المجد، على شفاء كل من عطلت الخطية قدرته على الكلام أو النظر أو الحركة، ومجد الكل الله.
الله مستعد أن يشفى جميع أمراضك، ويحل كل مشاكلك، خاصة الروحية منها.
ولكن، ينبغي أن تلتجئ إليه بصلوات كثيرة واتضاع، طارحا كل احتياجاتك أمامه، واثقا من محبته القادرة أن تصنع لك كل شيء.
استمر المسيح في اهتمامه بالجموع، سواء بشفاء أمراضهم، أو بتعاليمه الروحية، أو بالرد على أسئلتهم.
مر الوقت دون أن يشعروا، حتى أنهم قضوا معه ثلاثة أيام، ولم يطلبوا طعاما لانشغالهم بكلامه ومعجزاته.
ولعلهم قد أكلوا ما خرجوا به من بيوتهم في اليومين الأول والثاني، وفي اليوم الثالث لم يعد معهم أي طعام، إذ كانوا لا يتوقعون أن يستمروا ثلاثة أيام خارج بيوتهم، ولكن كلام المسيح جذبهم.
المهم أن المسيح قد اهتم باحتياجاتهم المادية، وحدّث تلاميذه بذلك ليمتحن إيمانهم، خاصة بعد أن رأوا إشباع الجموع بالخمسة أرغفة والسمكتين، ولكنهم للأسف فكروا بعقلهم، وليس بإيمانهم، وأعلنوا عجزهم عن توفير طعام لهذه الجموع في البرية، خاصة وأن غالبية التلاميذ فقراء.
اهتم بحياتك الروحية واتكل على الله، وثق أن ما يصعب عليك من احتياجاتك المادية سيوفره لك.
طلب المسيح من تلاميذه أن يبحثوا عن الطعام الموجود مع الجموع، فلم يجدوا إلا سبعة أرغفة وقليل من صغار السمك.
عدد سبعة يرمز للروح القدس الذي يعمل في الأسرار المقدسة، القادرة على أن تشبع كل احتياجات الإنسان الروحية.
أمر المسيح تلاميذه أن ينظموا الجموع، فأجلسوهم حتى يسهل توزيع الطعام عليهم، ويعاينوا في هدوء عظمة المعجزة.
العجيب أنهم آمنوا أنهم سيأكلون، رغم علمهم بعدم وجود طعام إلا السبعة أرغفة والقليل من صغار السمك، ولكنه الإيمان الذي يرتفع فوق العقل ويؤثر على سلوك الإنسان.
أخذ المسيح الخبز والسمك، وشكر، كما في المعجزة السابقة، ليعلمنا الصلاة قبل تناول الطعام، وبارك بيده الإلهية، وكسر الخبز وأعطى تلاميذه ليوزعوا منه، وكذا من السمك، على كل الجموع الجالسة على الأرض؛ فالتلاميذ هم كهنة العهد الجديد المسئولون عن توزيع عطايا الله لكل المؤمنين.
أكل الكل، وكان عددهم نحو أربعة آلاف من الرجال، عدا النساء والأولاد.
وعدد أربعة يرمز لأركان العالم الأربعة، الشمال والجنوب والشرق والغرب، وعدد ألف يرمز للسماء، أي أن بركة المسيح هي للعالم كله، تشبعه وترفعه للحياة السمائية.
بعدما أكل الجميع، جمع التلاميذ الكسر الباقية، فملأت سبع سلال، ويشير هذا أيضًا إلى عمل الروح القدس، فهو يُشبع الكل ويفيض.
وبعدما بارك المسيح الجموع وصرفهم، ركب السفينة في بحر الجليل، وذهب إلى مدينة تسمى مجدل.
/خادم كلمة الربّ/