لم يشترك هؤلاء اليونانيون في موكب دخول السيد المسيح أورشليم، لكنهم عرفوا كيف يشتركون فيه روحيًا، حين أعلنوا شوقهم الصادق لرؤيته.
جاءوا إلى العيد ومع هذا لم تشغلهم عظمة بناء الهيكل ولا ازدحام أورشليم الشديد بالقادمين للعيد، ولا رؤية آيات وعجائب، إنما يريدونه هو، يشتهون رؤيته والحديث معه.
للأسف حتى في الأعياد المسيحية خاصة الكبرى كثير من المسيحيين ينشغلون بالعيد دون أن يشتهوا رؤية السيد المسيح، واللقاء معه شخصيًا.
قبل السيد طلب فيليبس و اندراوس وجاء قوله: "قد أتت الساعة ليتمجد ابن الإنسان" مشجعًا الأمم أن يتقدموا للتعرف عليه والإيمان به.
لقد رأى السيد الحقل قد أينع للحصاد، وجاء وقت قبول الأمم في الإيمان. إنها ساعة مجد له، حيث تُفتح أبواب كنيسته أمام كل البشرية.
هذا يتحقق بموت السيد المسيح ودفنه وقيامته كحبة حنطة في الأرض لتأتي بثمرٍ كثيرٍ.إذ تحدث عن ضرورة آلامه وموته، بينما يقول لتلاميذه: "لا تضطرب قلوبكم" يقول: "الآن نفسي قد اضطربت".
اضطراب نفسه ينزع اضطراب نفوسنا؛ آلامه هي سرّ راحتنا الأبدية.
لقد انطلق السيد المسيح بإرادته ومسرته ليحمل خطايانا، وكان لزامًا وسط مسرته أن تضطرب نفسه بسبب هول خطايانا. لقد حمل ضعفاتنا فيه ليهبنا روح القوة.
لم يكن السيد المسيح محتاجًا إلى صوتٍ من السماء ليشجعه، إنما جاء هذا الصوت من أجل الحاضرين لكي يؤمنوا أن الآب أرسله، لكي لا يتعثر فيه التلاميذ أثناء آلامه، بل يجدوا فيها راحتهم، كما يجد هو فيها مسرته.