كان هناك رجل صالح أقام سقاية للناس وجعلها وفي اليوم التالي تفاجأ الناس بأن سقايتهم قد لوّثها أحد ما بالقاذورات والأوساخ.
فأخبروا الرجل الصالح بهذا الفعل المشين ، فقال لهم الرجل :
لا بأس أعيدوا ترتيبها وبناءها.
فلمّا فعلوا ذلك فوجيء الناس في اليوم التالي، أنّ سقايتهم قد تلوّثت مجدداً، وأخذوا يصرخون:
من هذا الذي يلوث السقاية ؟
وذهبوا للرجل الصالح فقال للعمال أعيدوا ترتيبها، وإختبئوا في الليل وأنظروا لي من هذا الشخص، وأكتموا أمره ولا تكلّموه وأعطوني الخبر.
وفي اليوم التالي جاء العمّال إليه على إستحياء وإحباط يقولون له:
ماذا نقول لك يا سيدي؟
قال
ماذا؟
فقالوا له :
إنّ الفاعل هو إبن عمّك.
فقال:
خلاص أسكتوا وأكتموا أمره، ولا تحدّثوا أحداً عن فعله.
ثم قال لهم وللمرّة الثالثة:
أعيدوا ترتيب السقاية وبنائها..
ولما جاء الليل ذهب يطرق بيت إبن عمّه، وأخذ معه كيس من القمح وآخر من السكر وأخذ معه طيباً وكيساً من النقود، ثمّ قرع باب بيته قال:
من بالباب؟
فقال الرجل الصالح: خويدمكم ( وهي كلمة تصغير لكلمة خادم).
ولمّا فتح الباب وجد أنّ الطارق إبن عمه فقال له:
ماذا تريد؟
فقال له الشيخ :
(جئتك يا إبن عمّي معتذراً لك، فأنا مقصّر في حقّك، فلم أزورك منذ فترة طويلة، ولم أسأل عنك، أرجو أن تسامحني، فنحن بيننا صلة رحم ).
وأخذ يلاطفه، ولم يذكر له قصّة تلويثه للسقاية، بل إنه أكرمه وأعطاه ما معه من الأكياس مع النقود والطيب وإنصرف من عنده ثمّ إجتمع بعمّاله وأمرهم أن ينظروا الليلة في أمر السقاية، فلمّا إنتصف الليل أتى إبن عمّه مجدداً، ولكن هذه المرّة ليس ملوثاً للسقاية، بل مبخّراً إيّاها بالطيب الذي أعطاه إبن عمّه الرجل الطيّب، فإنبهر العمّال من التحوّل العجيب الذي حصل لإبن عمّه إذ تحوّل في لحظة من عدوّ إلى صديق حميم !!..
الحكمة :
إنّنا إذا أردنا التخلّص من المشاكل التي تواجهنا مع الآخرين، علينا أن نحسن لمن أساء إلينا، وأن لا نواجه الإساءة بالإساءة ..