منذ آلاف السنين قرّر أحد الملوك أن ينقل شعبه إلى بلاد أخرى.
وقامت من أجل ذلك استعدادات هائلة للقيام بهذه الرحلة الكبيرة.
ولقد كان الملك يرغب أن ينقل معه أشياء كثيرة محبّبة لديه، لكن أثمن شيء رغب أن يأخذه معه كان شجرة كبيرة كانت تحمل كثيرًا من الطابع الوطني، ولم يرغب أن يترك ذلك خلفه.
على أنّ جميع رعاياه لم يقروه على نقل الشجرة لسبب بسيط، هو أن الشجرة ثقيلة جدًا وكبيرة جدًا ونقلها يسبب كثيرًا من الإرتباك.
هذا فضلاً عن أنه يغلب أن الشجرة ستموت حتمًا إذا ما أقتُلعت وغُرست في تربة غير تربتها!!
وكاد الملك يفقد كل أمل في نقل كنزه الغالي هذا لولا أن شابًا كان شديد الإخلاص للملك، تقدّم نحو جلالته وتطوّع أن يضع ذلك الحمل على كتفيه.
أمّا الآخرون فلم يعطفوا عليه ولم يقدموا له أية معاونة، ولذلك إضطرّ أن يحمل الشجرة بمفرده. كانت الشجرة ثقيلة جدًا، ولذلك كانت خطواته بطيئة.
وكثيرًا ما كانت المسافة بينه وبين الآخرين شاسعة.
على أنّه بعد وقت لاحظ القوم أنّ الشاب لم يعد يظهر أي تعب، بدا كأنّه أصبح أقوى بل كثيرًا ما كان يسبقهم.
كذلك أصبح لطيفًا وثابتًا وحازمًا في مهمته، كما كان يزداد تفوقًا على الآخرين كل يوم.
أمّا الآخرون الذين كانوا يحملون أثقالاً أخف فكانوا يتذمّرون طول الوقت، وفي كل يوم كانوا يزدادون إنفعالاً ويصبحون أكثر مشاكسة.
كما كانوا يجنحون إلى الكسل والخمول، مما أذهب جدّتهم وبهجتهم - وإني لأعجب فيما إذا كان يمكنكم أن تخمنوا العامل الذي صير ذلك الشاب أقوى وأقدر على حمل الشجرة الكبيرة، بينما أصاب الوهن الآخرين؟؟..
هاكم السر!
كانت الشجرة التي على كتفه تحمل ثمارًا دسمة وشهية، وكان يأكل بالطبع من تلك الثمار، وبذلك صارت ثمار حمله مصدر قوته!!
عزيزي القارئ...
تعلّمنا هذه القصة أن نصير من أعمالنا المتعبة غذاء لنا، وأحد العناصر التي تصيرنا أقوى وأنبل وأعظم.
إذا ما قمنا بأكبر الأعمال بإبتهاج وأمانة ناظرين إلى ذاك الذي يعتني بنا.
إذ ذاك نتأكد أن كل الأشياء ستعمل معًا لخيرنا وعظمتنا وقوتنا ونجاحنا في الحياة.
فإذا ما كانت الأمور شديدة وصعبة علينا فلنستمع للقول: