ولدتُ في الهند بعد أن ولدت أمي إخوة كثيرين ماتوا في مرحلة الطفولة ، فكان بقائي على قيد الحياة يُعدّ معجزة.
و كانت أمي تحتفظ بعبادة الأوثان التي ورثتها عن أجدادي ، و نذرت إنها إذ ولدت ولداً ستكرّسه لتلك الآلهه ، لذلك ثقبت أذني و وضعت فيهما قرطاً ( حلق ) ذهبياً ، فكان ذلك مثار لإستهزاء زملائي بي ، و كانت الديانة الغالبة هي الهندوسية و لكنّي لم أكن أميل إليها.
كنتُ في السادسة عشر من عمري عندما بدأت الحرب العالميّة الثانية و كان علينا أن نساعد إنجلترا ، إلّا أنّ كبار الضبّاط البريطانيّين كانوا يعاملوننا بإحتقار لأنّنا هنود و يعتبروننا درجة ثانية ، و كان من السهل عليهم أن يضحّوا بنا عند الخطر و لا يهتمّون بعلاج المصابين منّا و كنت عندما أرى ذلك أسأل نفسي أين الله وسط كل هذا ؟
و لكني كنت تحت قيادة شاب إنجليزي شعرتُ أنّه يطلب لنا الخير , و عندما علم أنّ لنا طعام خاص أمر بعمله لنا بل سأل عن مواصفات الفرن الذي يخبز لنا الخبز بالطريقة التي تعودنا عليها ، و كان يأكل معنا أيضاً ، فترك ذلك الشاب في نفسي أثراً بالغاً رغم بساطته.
و في أثناء الغارات الجويّة ، لم يكن ( الشاب الإنجليزي ) يسرع للمخبأ بل كان يدعونا للكنيسة و كانت مجرّد خيمة مخصّصة للعبادة و كنّا نذهب معه.
و في يوم كان هجوم اليابانيّين شديداً للغاية ، فقلتُ أنّ الغارة شديدة جداً و ينبغي أن أذهب للمخبأ ، فقال لي القائد الشاب الإنجليزي : سأصلّي للربّ يسوع و أنتم قولوا آمين على طلباتي.
فذهبنا معه للكنيسة و لا تزال كلماته الهادئة ترنّ في أذني :
"يا ربّ يسوع أعلن قوّتك و عظمتك الآن. أثبت لهؤلاء الرجال إنّك حيّ ، إحفظهم من الغارة لأجل أحبّائهم و أهلهم عرّفهم أنّك قادرٌ أن تخلّص ليس الجسد من الهلاك و الموت بل النفس من الخطيئة".
و عندما خرجنا من الخيمة كان المنظر مذهلاً ، أشلاء الرجال متناثرة على جانبي الخيمة ، وكل الناس الذين كانوا في الخارج موتى ، أمّا نحن الذين كنّا في الداخل فلم يصيبنا شيئاً.
أمّا هو فقال لنا : إنّ مسيحه إستجاب له و نجّانا.
فمن هو يسوع الذي نجّانا ؟ لقد كان يكلّمه كما كان يتكلّم مع صديق يقف بجواره.
أمّا الحادثة الثانية ، فقد كانت عندما صدر لي أمراً بإصلاح إحدى الطائرات و في أثناء تجربتها أصيبت الطائرة من العدو ، فأصابتني و أزاحني زميلي من على مقعد القيادة و تولّى هو القيادة حتّى وصلنا للمستشفى و كان قد إحترق نصف وجهي و فقدتُ الوعي و عندما رجعتُ إلى وعيي ، سمعتُ صوت ممرّضتان يطلبان من كبار الضبّاط أن أنتقل لجناح الضبّاط لكي أنال رعاية أفضل مع أنّني لم أكن ضابطاً فرفض طلبهما ، و أخذت الممرّضتان تعتنيان بي و كأنهما ملاكان حتّى إستطعتُ أن أبصر ثانية ، فلمّا سألتهما عن سرّ إهتمامهما بي ، فقال لي : لقد تألّم مخلّصنا يسوع المسيح لكي ينقذ البشر ، فتعلّمنا منه خدمة الآخرين , فتأثرت جداً من كلامهما.
و بعد الموقفين السابقين ، موقف الجندي القائد المسيحي و موقف الممرّضتين المسيحيّتين ، إشتقتُ أن أعرف المسيح و صرتُ من أتباعه.
"تاركاً لنا مثالاً لكي تتبعوا خطواته" ( ١ بط ٢ : ٢١ )