وإلتقط ثمرة من ثمارها وألقاها الترعة فأحدث ذلك صوتاً أعجبه فألقى ثمره ثانية ثم ثالثة.
وحدث أنه كان فى الترعة عجل بحر، إلتقط هذه الثمار وظنّ أنّها دليل محبّة له من القرد الذي ألقاها له ليأخذها.
فخرج وتحدّث إلى القرد وأعجب بذكاء القرد وحكمته.
وظلّ يتردّد عليه كل يوم، ويسهر معه إلى ساعة متأخّرة من الليل يتحدّثان كصديقين.
وهكذا كثر غيابه عن مسكنه وأسرته فتضايقت زوجة عجل البحر من كثرة غيابه وتأخره في الرجوع مساءً.
وما كان منها إلاّ أنّها شكت حالتها إلى جارة لها عجوز وحكيمة.
فنصحتها هذه الجارة أن تتمارض.
ومتى أتى زوجها ولاحظ مرضها وعجز عن معرفة سبب المرض وعلاجه، تقول له: الأفضل أن نستشير جارتنا العجوز، ونجحت الخطة.
وحضر الزوج ولم يعرف كيف يتصرّف فى علاج زوجته، وكان يحبّها.
فأحضرا الجارة العجوز التي كشفت على الزوجة وقالت إنّ علاجها الوحيد هو قلب قرد، إذ كانت قد عرفت أنّ سبب تأخّره عن بيته هو بسبب صداقته مع القرد، وإنشغاله في السهر معهورجع الزوج كئيباً إلى شجرة جوز الهند حيث تقابل مع صديقه القرد.
وفى حديثه معه، قال أنّ له بيتاً فى جزيرة عبر النهر جميلة جداً وطلب من القرد أن يزوره هناك، فقبل منه ذلك.
وقفز القرد على ظهر عجل البحر الذي سبح به إلى الجزيرة التي يوجد فيها بيته، وكان عجل البحر كئيباً ومتحيّراً فى أمره ومفكراً:
هل يترك زوجته لتموت في مرضها، وعلاجها الوحيد هو قلب قرد؟ أم يخون صديقه الذى يحبّه، ويغطس فى الماء، ويموت القرد الذي لا يعرف السباحة؟ ولاحظ القرد كآبة عجل البحر وحيرته فكلّمه بصراحة وأنّ علاج زوجته هو قلب قرد.
فأجابه القرد، وقال له: لماذا لم تخبرني بذلك عند الشجرة؟ ذلك لأنّ لنا عادة نحن القرود أنّنا إذا زرنا صديقاً لا نأخذ قلبنا معنا، لئلا نفتن بزوجته.
فهلمّ بنا نرجع إلى الشجرة، وصدّقه العجل ورجعا.
ولمّا وصلا قفز القرد إلى أعلى الشجرة وقال له: علاجك يا صديقي أن ترجع إلى زوجتك ولا تعود تسهر معي فتتأخّر عنها.
تتوحّد مع أحزانك فهنالك آخرون يهتمّون بك من الممكن أنّك لا تعرفه أو لا تراهم وهم كل رجائهم أن تنظر فقط إليهم وتعرف كم تألّموا لأجل ان تنظر فقط إليهم تلك النظرات.
أحب من أحبوك ومن لم يحبوك من لم تستطيع أن تحبّهم فلذلك نحن وجدنا في الحياة ولذلك أنت تدعى إنسان.