قابلها في حفلة كانت ملفتة للإنتباه .. كثير من الشبّان كانوا يلاحقونها، كان شاباً عادياً ولم يكن ملفتاً للإنتباه.
في نهاية الحفلة تقدّم إليها وعزمها على فنجان قهوة.
تفاجأت هي بالطلب .. ولكن أدبها فرض عليها قبول الدعوة.
جلسوا في مقهى للقهوة، كان مضطرباً جداً ولم يستطع الحديث. هي بدورها شعرت بعدم الإرتياح وكانت على وشك الإستئذان وفجأه أشار للجرسون قائلاً :
رجاءاً ... أريد بعض الملح لقهوتي!!
الكل نظر إليه بإستغراب وإحمرّ وجهه خجلاً ومع هذا وضع الملح في قهوته وشربها.
سألته بفضول : لماذا هذه العادة ؟؟ تقصد الملح على القهوة.
ردّ عليها قائلاً : عندما كنتُ فتى صغيراً، كنت أعيش بالقرب من البحر، كنت أحبّ البحر وأشعر بملوحته، تماماً مثل القهوة المالحة، الآن كل مرّة أشرب القهوة المالحة أتذكّر طفولتي، بلدتي، وأشتاق لأبواي اللذين لا زالا عائشين هناك للآن.
حينما قال ذلك ملأت عيناه الدموع.... تأثّر كثيراً، كان ذلك شعوره الحقيقي من صميم قلبه ثم بدأت هي بالحديث عن طفولتها وأهلها وكان حديثاً ممتعاً.
إستمرّوا في مقابلة بعضهم بعضاً وإكتشفت أنّه الرجل الذي تنطبق عليه المواصفات التي تريدها.
كان ذكيًّا، طيّب القلب، حنون، حريص، كان رجلاً جيداً وكانت تشتاق إلى رؤيته والشكر طبعاً لقهوته المالحه !!
القصّة كأي قصّة حب أخرى الأمير يتزوّج الأميرة وعاشا حياة رائعة وكانت كلما صنعت له قهوة وضعت فيها ملحاً لأنّها كانت تدرك أنّه يحبّها هكذا ( مالحه ).
بعد أربعين عاماً توفّاه الله وترك لها رسالة هذا نصّها :
"عزيزتي، أرجوكِ سامحيني، سامحيني على كذبة حياتي، كانت الكذبة الوحيدة التي كذبتها عليكِ، القهوة المالحة !
أتذكرين أوّل لقاء بيننا ؟ كنت مضطرباً وقتها وأردتُ طلب سكّر لقهوتي ولكن نتيجة لإضطرابي طلبتُ ملحاً !! وخجلتُ من العدول عن كلامي فإستمرّيت ، لم أكن أتوقّع أنّ هذا سيكون بداية إرتباطنا سوياً !! أردتُ إخباركِ بالحقيقة بعد هذه الحادثه ولكنّي خفت أن أطلعكِ عليها !! فقرّرتُ ألّا أكذب عليكِ أبداً مرّة أخرى. الآن أنا أموت، لذلك لستُ خائفاً من إطلاعكِ على الحقيقة.
"أنا لا أحبّ القهوة المالحة !! يا له من طعم غريب! لكنّي شربتُ القهوة المالحة طوال حياتي معكِ ولم أشعر بالأسف على شربي لها لأنّ وجودي معكِ يطغى على اي شيء لو أنّ لي حياة أخرى أعيشها لعشتها معكِ حتّى لو إضطررتُ لشرب القهوة المالحة في هذه الحياة الثانية."
دموعها أغرقت الرسالة.
يوماً ما سألها أحدهم : ما طعم القهوة المالحة ؟ فأجابت :