كانت إبنة Max Lucado في الثامنة من عمرها، وذات يوم طلبت من والدها أن يسمح لها بوضع طاولة صغيرة في الحديقة الأماميّة من البيت، حيث تضع بعض عصير الليمون الباردة رغبة في بيعها للمارّة على الطريق لتتعلّم شيئاً عن التجارة.
لم يرد والدها منعها، فوافق شرط أن يكون هذا يوم السبت، حين يستطيع أن يجلس بقربها لمراقبتها.
جاء يوم السبت، وغلب الحماس على Andrea وهي تحضّر كل ما تحتاج إليه لبيع عصير الليمون.
إتّصل والدها ببعض الجيران والأقارب وأخبرهم بمشروع إبنته، كي يأتوا لتشجيع إبنته.
أتى هؤلاء الأشخاص وإشتروا كل ما حضّرته أندريه من عصير الليمون حتّى لم يبقَ في قاع المجمع سوى بعض الرواسب من الماء والسكر.
فجأة ونحن على وشك الإنتهاء والدخول إلى المنزل، إذ بسيارة تقف بجانب البيت، ونزل منها رجل لم أكن أعرفه.
تقدّم هذا الرجل نحو إبنتي وقال: من فضلكِ، أريد أن أشتري كأساً من عصير الليمون.
فكّرتُ في نفسي قائلاً : هذا هو الإمتحان الحقيقي لها...
إنني لا أعرف هذا الرجل، إنّه زبون حقيقي!
نظرت أندرية إلى قاع المجمع حيث كانت رواسب الماء والسكر وأجابت : لم يبقَ لديّ إلاّ القليل جداً من عصير الليمون... ربّما لن تعجبك هذه الرواسب...
إبتسم لها الرجل وقال بلطف: لا تقلقي سوف آخذ ما تعطيني...
سكبت له أندريه نصف كأس ممّا تبقّى من الرواسب ثمّ فتحت مجمع الثلج لتضع له قطعتين في الكأس وفجأة إحمرّ وجهها إذ كان قد نفذ الثلج أيضاً...
نظرت إلى الرجل بكل خجل وقالت : أنا آسفة يا سيّد... لقد نفذ الثلج من عندي...
أجابها الرجل : لا تنزعجي، فأنا أحب عصير الليمون دافئة كذلك.
أخذ الكأس من يدها ثمّ تناول دولاراً وضعه في يدها.
نظرت أندريه إليَّ وعلامات التساؤل على وجهها، إذ لم يسبق لأحد أن أعطاها دولاراً من قبل.
طفقت تبحث في جيبها وتحسب كم يجب أن ترجع له من النقود.
قال لها الرجل: لا تنزعجي، إنّي لا أريد أن ترجعي لي شيئاً.
ثمّ إبتسم لها وتمنّى لها أمسية سعيدة، وصعد إلى سيّارته وإنطلق.
وأندريه واقفة تنظر بذهول.
فكّرت في نفسي... إنّ هذا الرجل قد دفع ثمن عشر كوؤس من عصير الليمون، لكنه حصل على نصف كأس من الماء الدافئ والبعض من السكر بداخله.
ومع ذلك، فقد كان لطيفاً مع إبنتي وأعطاها دولاراً بكامله.
كان هدف إبنتي من وراء هذا الإختبار أن تأخذ درساً في العمل والتجارة، لكن في الحقيقة لقد أخذتُ أنا درساً هاماً في النعمة...
صديقي...
إنّ الرحمة هي : عندما لا تعطى ما أنت تستحقه (فترحم من دينونة العذاب)
أمّا النعمة فهي : عندما تعطى ما أنت لا تستحقه (الحياة الأبدية)... عندما تقف أمام الرب يسوع المسيح، وتفتح مجمع حياتك له، وترى أن كل ما فيها ليس سوى رواسب لا قيمة لها، حينئذ يقول لك الرب يسوع: لا تنزعج... أنا سأقبلها منك... إذ أنت غالي جداً عليّ....
إنّ كل ما يطلبه منك الربّ هو أن تؤمن وتقبل موته الكفاري عنك على الصليب...
عندما تقف أمامه خجلاً... وتقول : ليت لي أن أقدم لك أكثر.. ليس لدي شيء يليق بك يا سيّد... فيجيبك الربّ يسوع قائلاً... أنا لم آتي إليك لآخذ منك بل لأعطيك...
لأنه هكذا أحبّ الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد ... لكي لا يهلك كل من يؤمن به... بل تكون له الحياة الأبديّة...
فهل قبلت منه نعمة الخلاص التي يريد الله أن يمنحك إياها مجانا بالإيمان؟