"أنا أذهب إلى قصور الأغنياء، أسقفها عالية جدًا، أستطيع أن أنصب فيها بيتي من الخيوط الخفيفة جدًا، فأصطاد الحشرات وأتقوى بها. لن يقدر أحد أن يصل إليَّ.
" إنّني بهذا أشبه من كتب عقد إيجار دائم أو من إمتلك المكان!"
وقال النقرس:
"لتذهب أنت إلى قصور العظماء المذهبة، لأنها عالية، ويمكنك أن تنسج خيوطك وتقيم مسكنك في أمان.
أمّا أنا فلا أستطيع أن أذهب وأسكن هناك.
سأذهب عند قدمي رجل فقير لا يملك مالاً، فلا يذهب إلى طبيب يعالجه.
بهذا أقطن عند قدميه على الدوام إلى يوم مماته، فلا يوجد دواء يقتلني وينتزعني من مكاني".
ذهب العنكبوت إلى أحد قصور الأغنياء وبدأ ينسج خيطه في سقفٍ عالٍ جدًا، وظن أنه قد ورث المكان،ولن يقترب إليه أحد سوى الحشرات التي تسقط في الفخ فتموت ويأكلها.
بعد أيّام قليلة جاءت شركة تنظيف، وقامت بتنظيف كل القصر، وفقد العنكبوت كل تعبه.
لكن العنكبوت لم ييأس، بل قام بنسج خيوط جديدة، ظانًا أن هذا لن يتكرّر إلاّ مرّة في السنة، لكنه فوجئ بتكراره كل شهر، فقرّر العنكبوت مغادرة القصر والرحيل إلى كوخ شخص فقير لا يتضايق من خيوط العنكبوت ولا يقوم بتنظيف السقف.
أمّا مرض النقرس فإنطلق إلي قدمي فلّاح فقير جدًا حاسبًا أنه ليس لديه مالاً لكي يذهب إلى طبيب ويشتريدواء للعلاج.
لكنّه سرعان ما لاحظ أنّ الفلاح لم يبالِ بالمرض، بل كان دائم الحركة، يسير ساعات طويلة على قدميه ويرهقهما، لذا قرّر أن يغادر قدمي الفلاح ويذهب إلى قدمي ملكٍ أو أي رجلٍ غنيٍ مترفٍ ومدللٍ، إذ يشعر بالمرض ينام علي السرير ولا يتحرّك، فيستريح النقرس.
هكذا إختار العنكبوت قصور الأغنياء لكنه لم يستريح إلّا في أكواخ الفقراء، وإختار النقرس أقدام الفقراء لكنه لم يسترح إلاّ في أقدام الأغنياء حتى دُعي بمرض الملوك.
إستلم يا رب حياتي، وليرشدني روحك القدّوس، وليقدني في كل صغيرة وكبيرة.
لا أعرف ما هو لصالحي، لكن أنت هو الأب المحب والقدير والحكيم. بك استريح وتطمئن نفسي. بك أعبر هذه الحياة حسب مسرتك.