مع أنّ نابليون الأول لم يكن بارعاً في شؤون الدين، إلاّ أنّه قد إحتفظ من الثقافة الدينيّة التي تلقّاها في صباه وشبابه، مبادئ واضحة.
كان ذات يوم يحضر مسرحيّة في باريس، وإلى جانبه شاب نبيل، يكنّ له مودّة، ويعتزم ضمّه إلى بلاطه.
كان الإمبراطور أكثر إهتماماً بمراقبة الجمهور، من إهتمامه بمتابعة المسرحيّة.
توقّفت أنظاره المرّة تلو المرّة، على الدوق الشاب، الذي بدا مفكراً قليل الإهتمام بما يجري على المسرح، حريصاً على إخفاء يديه في ثنايا شال من الفرو، مطوي فوق ركبتيه.
بغتة إنحنى الإمبراطور، ودسّ يده اليمنى داخل الشال، وقبض في يد الدوق الشاب على …. مسبحة.
في تلك الحقبة لم تكن المظاهر الدينيّة مستحبّة، أو مُرحّباً بها، وتوقّع الشاب تأنيباً حاداً، وقد إعتراه الخجل.
غير أنّ الإمبراطور قال له باسماً:
“ها قد قبضت عليك متلبّساً.. ولكن ذلك يسرّني.. فأنت فوق تراهات المسرح، ولك قلب، وستصبح يوماً رجلاً عظيماً”.
ثمّ أعاد له مسبحته قائِلاً : “تابع، لن أزعجك بعد الآن”.
في الواقع أصبح الدوق الشاب خطير الشأن، ومات كردينالاً ورئيس أساقفة على مدينة بيزانسون، وقد خلّف في رعيته ذكريات باقية عن تقواه وإحسانه.