إذ كان القدّيس مقاريوس يقطع بعض الحشائش لعمل السلال مع تلاميذه، حمل كل واحدٍ نصيباً.
وحمل القدّيس نصيبه، وإنطلق نحو قلّايته متهلّلاً بالـربّ مخلّصه.
لم يكن يميّز نفسه عن تلاميذه، بل يشترك معهم في كل أعمالهم بروح الإتّضاع.
فجأة ظهر له الشيطان في شكل شخصٍ عنيف للغاية يمسك منجلاً، وأراد أن يضرب به القدّيس ليقتله.
لم يهتزّ قلب القدّيس ولا إضطرب.
شعر الشيطان بضعفه الشديد أمام هذا القدّيس المؤمن، فقال له :
"لقد طرحتني أرضاً بقوّة عظيمة يا مقاريوس.. إنّي لا أستطيع أن أغلبك.. أنظر، هوذا كل ما تعمله أنت أستطيع أنا أن أعمله.. أنت تصوم ، وأنا لا آكل قط.. أنت تسهر، وأنا لا أنام مطلقاً.. لكنّك تغلبني بأمر واحدً."
قال له القدّيس مقاريوس :
"وما هذا الأمر؟"
أجاب الشيطان :
"إنه إتّضاعك، بهذا لا أقدر أن أغلبك !".
بسط القدّيس ليصلّي بإتّضاع فإختفى الشيطان.
نزلتَ بإتّضاعك إلى عالمي، أي إتّضاع أمارسه أنا التراب؟! .
أكشف لي عن ذاتي، فأدركُ إنّي أوّل الخطأة، من يخلّصني من خطيئتي إلاّ أنتَ؟
اعترف لك بخطاياي، واثقاً في غنى نعمتك الفائقة !
كيف أقيم مبنى يرتفع إلى سمواتك، ما لم بالإتّضاع أحفر أساسات هذه أعماقها؟!
لأتّحد بك يا من أخليت ذاتك لأجلي، فأحمل إتّضاعك في حياتي.