شبَّت النيران في سفينة لم تكن بعيدة جدًا عن الشاطئ، وكان بالسفينة تاجر مجوهرات من "كاليفورنيا" ومعه حقيبة مليئة بالمجوهرات، هي كل ثروته، التي تقدّر بملايين الدولارات، وقد ربط الحقيبة حول صدره ليسبح بها إلى الشاطئ، ولكن قبل أن يقفز للماء إذ بيد صغيرة تمتدّ إلى كتفه وعندما نظر خلفه رأى طفلة صغيرة تبكي في فزع شديد وقالت له :
- «أرجوك أنقذني وإحملني للشاطئ، فأنا لا أعرف أن أعوم وبابا وماما إختفوا في النيران».
إشتعلت في هذه اللحظة في قلب الرجل معركة، لهيبها أعلى من النيران التي تحرق السفينة؛ فيجب عليه في لحظات أن يقرّر ويختار: إمّا أن ينقذ ثروته في حقيبة المجوهرات، وإمّا أن يضحّي بها لإنقاذ الطفلة، وسريعًا إختار إنقاذ الطفلة، فألقى بالحقيبة في مياه المحيط، وحمل الطفلة على ظهره، وعندما وصل إلى الشاطئ بسلام كان فاقد الوعي من الإعياء، ولكنّه أستيقظ على إبتسامة الطفلة التي أنقذها وهي تمسح المياه من على وجهه وشعره.
وعاش هذا الرجل طوال عمره وهو فخور بما فعل، وقال أنّه لم يندم لحظه على ما عمل، وعلى فقده لكل مجوهراته، بل إنّه كان سيظلّ نادمًا طوال عمره إن عمل العكس، وظلّ دائمًا يقول بفخر أنّ هذه الطفلة التي أنقذها وتبنّاها هي أغلى عنده من كل العالم وكنوزه، وليس فقط من حقيبة المجوهرات التي ضحّى بها لإنقاذها!
عزيزي القارئ...
لقد ضحّى تاجر المجوهرات بكل مجوهراته لينقذ الطفلة، أمّا الربّ يسوع المسيح - رابح النفوس الأعظم - فقد حسبنا نحن الكنز واللؤلؤة الغالية، {فمَضَى} حتى الصليب {وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ} وَاشْتَرَانا.
ودماؤه التي سالت لأجلنا هي أغلى من كل ذهب وفضة العالمين.