يقول الكتاب :
"يمسحُ اللهُ كلَّ دمعةٍ مِن عيونهم"
(رؤيا ٤:٢١).
لكن ما فائدة أن تُمسَحَ دموعُنا بينما الحسرة
والجراح باقيةٌ في القلب ؟
معنى الآية أنّ الله يُداوي كلّ جراح القلب ولا يترك حسرةً ولا حزنًا ولا خوفًا ولا قلقًا ولا اضطّرابًا من دون شفاء.
من جراح الطّفولة والمراهقة والأذيّة والغدر والخيانة وطعن الأقربين، وجراح الفشل والخسارة ومُعاناة الحروب والمجاعة والأوبئة والكوارث الطّبيعيّة وضحايا الحوادث والأخطاء الطبيّة وكلّ مُلمّات وخَيبات الحياة.
وسوف تُشفى بالكامل جراح التّعنيف والظّلم والسخرية والمهانة والتحرّش الجنسيّ وسفاح القربى والذّنب والاكتئاب والتوتّر العصبيّ والمرض النفسيّ بكافة أشكاله، والخرَف ومرض النسيان وأمراض العقل، والجنون بأنواعه.
وسوف يُنصِفُ الله الكثير من مرضى النّفس والأعصاب والعقل من التّعيير والمذلّة والإهانة والعزلة والإهمال وانعدام العطف والكآبة والإحساس بالدّونيّة التي عانوها بسبب مرضِهم.
وكلّ مَن تعرّضَ في حياته وتربيته لظلم الأبوين والإخوة والأقربين، وعانى التّمييز ونقص المحبّة والإهمال العاطفيّ والماديّ، والأذيّة ظلمًا وتعسّفًا، فسوف يُنصِفه الله بتعويضه أضعافًا من العطف والحبّ والحنان والحنوّ، ويعاقب ظالميه.
والمخلَّصون بدم المسيح لن يعودوا بحاجةٍ إلى علاج بالعقاقير ولا إلى أطبّاء أعصاب ومعالجين نفسانيّين وعقليّين.
والذين تعذّبوا طيلة حياتهم بسب مرضٍ أو ظلامةٍ أو وضع مأساويّ، لكنّهم آمنوا، لهم رجاءٌ عظيمٌ برحمة الله وخلاص المسيح.
فالجميع في ملكوت الله أصحّاء، وليس هناك مضطّربون نفسيًّا وعصبيًّا ولا مرضى عقليّون.
فالله قادرٌ على التّعامل مع جميع أنواع الاضطّراب النفسيّ والعصبيّ والعقليّ، وهو قادرٌ على أن يرحَمَ هؤلاء ويُنصفَهٌم، ويدينهم أيضًا، لأنّه "يدين جميع البشر" من دون استثناء.
وليس هؤلاء، مهما كانت حالُهم وظروف ماضيهم، خارج معرفته وقدرته الكليّة، ولا خارج رحمته ودينونته وعَدله.
فقولُ الكتاب "يأتي لخلاص مختاريه" يعني أيضًا أنّه يخلّص جميع المجروحين في نفوسهم من كلّ جِراحِهم "ويُكفكِفُ كلَّ دَمعةٍ تَسيلُ من عيونهم".
النصّ الكتابيّ:
"سمعتُ صوتا جهيرا من عرش الله يقول: هوذا مسكن الله والناس. يسكنُ معهم ويكونون له شعبًا وهو يكون ’اللهُ معهم‘ ويمسحُ كل دمعة من عيونهم.
لن يبقى للموت وجود ولا للحزن ولا للصراخ ولا للألم لأن العالم القديم قد زال".
"وقال الجالس على العرش: هاءنذا أجعل كل شيء جديدًا. وقال: أكتب: هذا الكلام صدق وحقّ. وقال لي: قُضي الأمر. أنا الألف والياء، البداية والنهاية. سأعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة مجانًا. الغالب يرث ذلك النصيب، وأكون له إلها ويكون لي ابنًا".
"أما الجبناء وغير المؤمنين والفاسدون والقتلة والزُّناة والسحَرة المتَّصلون بالشياطين، وعبَدة الأوثان وجميع الكذابين والدجّالين، فنصيبُهم في المستنقع المتَّقِد بالنار والكبريت: إنّه الموت الثَّاني"
(رؤيا ٣:٢١~٨).
/الأب أنطوان يوحنّا لطّوف/