ما أعظم محبتك لنا يا رب، هيّأت لنا كل شيء، ونحن نلهو في الخارج، كالوالد الذي يعمل طويلاً ليؤمن الراحة لأبنائه، وكالوالدة التي تنظف وترتب المنزل وتعدّ الطعام ليكون جاهزاً في الموعد المناسب ومن ثم تدعو أطفالها الذين هم في الخارج يلعبون ويمرحون ليأكلوا ويتمتعوا...
دعوتنا يا رب الى التخلي والإيمان بعنايتك وهنا تكمن الصعوبة، فنحن نؤمن ولكن لا نستطيع التسليم لإرادتك...
نريد أن نكون كطيور السماء وزنابق الحقل بالقرب منك، كمريم التي جلست عند أقدامك وتناولت بفرحٍ عظيم كلمتك، لكن لا زلنا نخلق الاعذار لعدم التزامنا بدعوتك كي نتمتع بما هيّأته لنا... ذاك العشاء العظيم...
وليمة عرس الحمل...
من اشترى حقلاً أصبح مالكاً، قد يصاب بداء الكبرياء لأنه يظن أن لديه من الخيرات ما يكفيه لسنواتٍ عديدة فيهتم بطعامه وممتلكاته أكثر من نفسه وروحه حتى يصبح آلة استهلاكية ويفقد انسانيته.
فما نفع الطعام والممتلكات اذا لم يكن عندنا ذات إنسانية؟؟!!...
ومن اشترى خمسة فدادين (أزواج بقر)، يشير إلى المتعلق بالأمور الحسيَّة الجسديَّة (خمس حواس) يقع بمرض الموضة ويهمل الجسد، أي يحطّ من قيمته وكرامته، فاللباس من دون كرامة للجسد يكون كالحائط المزيّن لديه طلة جيدة ولكن دون كرامة. فالجسد من دون نفس طاهرة يكون كالجثة في القبر...
ومن اتخذ له زوجة، قد يحوِّل تلك العلاقة المقدسة الى تعلّق مرضي باللذة الجسدية التي تعوقه عن اللذة الروحية حسب القديس أغوسطينوس الذي صَلَّى قائلاً:"ليتنا نترك الأعذار الباطلة الشرِّيرة، ونأتي إلى العشاء الذي يجعلنا في شبع داخلي. ليتنا لا ننتفخ بالكبرياء الذي يعوقنا، ولا أيضًا حب الاستطلاع الذي يفزعنا ويبعدنا عن الله، ليت ملذّات الجسد لا تعوقنا عن لذة القلب. لنأتِ ولنشبع."
أعطنا يا رب أن نثق بعنايتك، أنك ترزقنا من حيث لا ندري. ساعدنا أن نتخلى عن أنانيتنا لتملك أنت فينا، أبعد عنا القلق، قلق العيش من أكل وشرب ولباس، أفهمنا انك تعتني بِنَا كأبناء لك أكثر من طيور السماء وزنابق الحقل. آمــــــــــــين.
نهار مبارك
/الخوري كامل كامل/