من يعيش في حقده يسكن القبور، ولا يخرج من قبره إلا بالغفران، ولن يذوق طعم الراحة والهدوء والسلام إلا حين تلمس نفسه كلمة الرب "أغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون" فيغفر لمن أساء إليه رغم صعوبة الغفران ورغم ضعفه فيتحول من الموت الى الحياة ويجد الراحة لنفسه.
من يعيش في أنانيته يسكن القبور، لأنه أغلق على ذاته أبواب السعادة والانفتاح على الحياة، فيصبح عبداً لحاجاته وشهواته فيخسر إرادته وجمال الحرية وروعة الحب، ولا يخرج من قبره إلا إذا سمع صوت الرب يقول له "ما من حب أعظم من هذا وهو أن يبذل الإنسان نفسه في سبيل أحبائه" ساعتئذٍ يهب ذاته لأحبائه ويعيش في عطاء مستمر يتجدد وينمو حتى يصل إلى ملء قامة المسيح.
من يعيش في منطق الذئاب وشريعة الغاب "إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب" يفتح قبره بيده وينتقل من شر الى شر ومن موت الى موت وفي النهاية تأكله الذئاب، ويُكال له بالكيل الذي كال فيه لغيره، لا بل كيلاً طافحاً مهزوزاً مليئاً بالإدانة والثأر وخناجر الغدر، ولا يخرج من قبره إلا إذا سمع صوت الرب يقول ولأمثاله " تَعَالَوا إِليَّ يَا جَمِيعَ المُتْعَبِينَ والمُثْقَلِينَ بِالأَحْمَال، وأَنَا أُريْحُكُم.
إِحْمِلُوا نِيْري عَلَيْكُم، وكُونُوا لي تَلاميذ، لأَنِّي وَدِيعٌ ومُتَواضِعُ القَلْب، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُم." (متى ١١ / ٣٠)
كم من الاحياء بيننا هم كالاموات يحتاجون الى كلمة الله فتعود لهم الحياة؟ من منا يسمع تلك الكلمة ويبقى مسكنه في قبور العالم؟ أليست كل حياة تأتي من الله، وهي هبة مجانية منه (تث 30: 20)؟.
هذه هي العلاقة بين الايمان والحياة، الحياة التي لا يجد فيها الموت مكانا، انها الابدية التي تبدأ منذ الان، والملكوت الذي نعيشه الآن والحياة التي نحياها الان.
قدس يا رب نفوسنا في حقك، لان كلامك هو حق وحياة (يوحنا 17/17) ازرع في قلوبنا سلامك، أعط أبناءنا سلامك ليس كما يعطيه العالم سلاما مزيفا، انما سلاما حقيقيا فلا تضطرب قلوبهم ولا ترهب (يوحنا 14/17) وتكون لهم الحياة.
آميـــــــن.
نهار مبارك
/الخوري كامل كامل/