يريد يسوع إيماناً يُترجم بأعمال تشبهه، يريد إنتماءً واقعياً مجبولاً بسلوكيات وخيارات تعكس هذا الانتماء في مفاصل الحياة اليومية البسيطة والمعقدة.
يسأل يسوع كل واحد منّا عن مرجعه، عن محركه، عن ملهمه، ولا ينتظر الاجابة، لأنها واضحة ومحفورة في السلوكيات العفوية غير المصطنعة.
في سفر أعمال الرسل يشير الكاتب إلى أن الناس كانوا يعرفون الجماعة المسيحية من محبتهم لبعضهم البعض ولكل الناس حتى للأعداء.
الذي ميّزهم هو المحبة النابعة من مرجعهم الاول على هذه الأرض وليس أي شيء آخر، لا الثياب ولا المعابد ولا الشارات ولا الالوان ولا الامتيازات ولا الحقوق ولا المراكز.
بما أن الإناء ينضح بما فيه والإنسان الطيّب من كنزه الطيّب يُخرج الطيب، وبما أن السراج المنير لا يوقد ويوضع تحت المكيال بل على المنارة ليرى الناس النور ويُمجدون الذي أناره.... فإن الايمان ليس ترفاً إجتماعياً أو ضرباً خيالياً، فالإيمان يتجسّد بالأعمال الصالحة بشكل حاسم، لذلك صرخ القديس يعقوب في رسالته في وجه كل إنسان يستغل انتماءه أو بنوته أو يستغل رحمة الله : أرني إيمانك بأعمالك.
ولو حدّثنا المسيح اليوم، وهو العالم بالنوايا والقلوب سيقول لنا حتماً : "أنا أتكَلَّمُ بِما رأيتُ عِندَ أبـي، وأنتُم تَعمَلونَ بِما سمِعْتُم مِنْ أبـيكُم" كلمتكم بالسلام فعملتم الحرب، كلمتكم بالحياة فصنعتم الموت، كلمتكم بالحب فأيقظتم الحقد، كلمتكم بالفرح فزرعتم النكد، كلمتكم بالرحمة فبنيتم صروحاٌ غنية بالمادة وفقيرة بالرحمة، كلمتكم بالتواضع فاستوردتم الكبرياء من أقاصي الارض، طلبت منكم أن تكونوا ودعاء مثلي لا يُسمع صوتكم في الساحات، قصبة مرضوضة لا تكسرون وفتيلاً مدخناً لا تطفئون، فملأتم الساحات صراخاً وصخباً مقيتاً، وكسرتم القصبة الشامخة وأطفأتم السراج المضيء.
واليوم بحجة أننا أبناء يسوع نقتل يسوع.
أليس الإجهاض قتلاً ليسوع؟ مهما كان المبرر، ومهما كانت الظروف هو قتل للحياة، قتل الله في الإنسان وقتل الإنسان في الله..
أليس الزنى قتلاً ليسوع؟ ألم يقطع هيرودس رأس يوحنا عندما مانعه أن يتزوج إمرأة أخيه؟ في كل زنى قطع رأس يوحنا الشاهد للحق حتى الموت... في كل زنى قطع رأس زوج أو زوجة أو أبناء، فالرجل الزاني يقطع رأس زوجته وأولاده والمرأة الزانية تقطع رأس زوجها وأولادها!!!!
أليس التهرب من المسؤولية قتلا ليسوع؟ هل الوالد الصالح(والام الصالحة) يعطي (تعطي) ابنه (ابنها) حية بدل السمكة وحجرا بدل الخبز؟؟ أليس تبذير الوقت والدخل والثروة في السكر والسهر وظاهرة السنوبية (snobisme) ولعب القمار هو جريمة فظيعة في حق الأبناء والشريك الاخر؟ الام التي تقذف أولادها بعبارات نابية وتقول صراحة أنهم سبب تعاستها، والأب الذي يذكرهم أن النحس دخل المنزل يوم ميلادهم، ألا يعتبر ذلك قتلاً لهم؟
قارن يسوع بين أقواله وأفعال اليهود (أنا أتكلم وأنتم تعملون) فوجد الفارق شاسعاً، لذلك رفض بنوتهم لابراهيم.. واليوم اذا قارنا أفعالنا بكلام يسوع ماذا نجد؟ كلٌ منا يعرف حقيقته، فلنتواضع ونعترف أن أفعالنا لا تشبهنا، فكيف لنا الادعاء أننا أبناء ابراهيم قبل أن نكون أبناء يسوع؟؟!!
نهار مبارك
/الخوري كامل كامل/