ما هو عمل الروح القدس؟ كيف نُصغي له؟ وما هي إنجازاته على المستوى الفردي والجماعي؟
أراد الإنسان منذ القدم أن يحمي ذاته من المخاطر المحيطة به لوحده أو مع الجماعة التي ينتمي إليها ويدعمها وهي أيضاً.
لكن في معظم الاحيان ابتعد كثيراً عن جوهره ورسالته فأراد الصعود الى السماء لضمان الخلود لروحه وتحدي الخالق، كما حصل في مشهد بناء البرج في سفر التكوين، حين أتفق الناس فيما بينهم وقالوا:
«تَعَالُوا نَبْنِ لنا مَدِينَةً وَبُرْجا رَأسُهُ في السَّمَاءِ، وَنُقِم لنا ٱسْمًا كَيّ لا نَتَفَرّق عَلَى وَجْهِ الارْضِ كُلِّها».
لكن الله بلبل ألسنتهم وهم يتكلمون لغة واحدة فوقع البرج وسقط مشروع أولاد آدم.
أراد الإنسان بناء برج يتحدّى فيه الخالق أو يقتل من خلاله الله فقتل ذاته والإنسان معه، وكل تجاربه عبر التاريخ بعيداً عن الله باءت بالفشل.
كل ذلك كان قبل عنصرة الروح القدس وبعدها، لم يتوقف عمل الروح لإنقاذ العالم ولم يتوقف عمل بنو آدم لهدم العالم.
أصبح العالم متخم بالانجازات البشرية المبهرة وأبراج الارض تعانق السماء وناطحات السحاب تسبح فوق الغيوم، لكنهم يصنعون السمّ والدواء، الحرب والسلم، البناء والدمار، الحياة والموت..
لدى الانسان إمكانيات هائلة على الحب والقدر ذاته على الكراهية، هو حرُّ يُحلق كالنسر وفي الوقت نفسه عبدٌ وضيع لغرائزه.
قبل العنصرة كان بطرس يخاف الجارية ليلة اعتقال يسوع، يتوعد أنه سيموت عن المعلم ويهرب عند أول امتحان، لكن بعد العنصرة وقف بكل جرأة أمام اليهود معلناً البشارة دون خوف أو تردد، مستعداً للموت في سبيل الملكوت، فكان العمل الاول للروح القدس هو إعلان بشرى الخلاص من قبل بطرس وبعده جميع الرسل بشجاعة لامتناهية.
أما الأعجوبة الثانية فهي لغة الروح أو لغة الحب، رغم اختلاف اللغات والبيئات والجنسيات، أصبح الجميع يفهمون لغة الحب ويتكلمون لغة الروح.
يفيض الله روحه على جميع البشر دون أي تمييز "ويَكُونُ في ٱلأَيَّامِ ٱلأَخِيرَة، يَقُولُ ٱلله، أَنِّي أُفِيضُ مِنْ رُوحِي عَلى كُلِّ بَشَر، فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُم وبَنَاتُكُم، ويَرَى شُبَّانُكُم رُؤًى، ويَحْلُمُ شُيُوخُكُم أَحْلامًا" فيصنعون الخير ويبنون أبراج الحب وصروح السلام.
يعمل الروح فينا بصمتٍ أكيد لكن تكون النتائج مدوية وخارقة لا بل هائلة.
يواجه إنسان اليوم مشكلة كبيرة وهي كيفية الإصغاء لإلهامات الروح في ضجيج الشوارع والمعامل والمتاجر والتكنولوجيا.
لكنه لا زال يملك القدرة الكافية على الإصغاء والفهم والتمييز من خلال الاقتراب من حجر الزاوية المرذول من الناس وسيملك في قلبه وعقله المساعد والمعزي والمدافع عنه لمجد الله.
"هلمَّ يا ضياء القلوب، أيها المعزي الجليل، يا ساكن القلوب العذب، أيتها الاستراحة اللذيذة. أنتَ في التعبِ راحة وفي الحرِّ اعتدال وفي البكاء تعزية، أيها النور الطوباوي، إملأ باطن قلوب المؤمنين، لأنه بدون قدرتك لا شيء في الإنسان ولا شيء طاهر، طهّر ما كان دنساً، إسقِِ ما كان يابساً، إشفِ ما كان معلولا، ليِّن ما كان صلباً، أضرم ما كان بارداً، دبِّر ما كان حائداًأعط مؤمنيك المتكلين عليك المواهب السبع، إمنحهم ثواب الفضيلة، هب لهم غاية الخلاص، أعطهم السرور الأبدي". آميـــــــن
أحد مبارك
/الخوري كامل كامل/