اليوم هو الأحد السابع من زمن العنصرة وهو أحد إرسال التلاميذ الاثنين والسبعين، الذين اختارهم يسوع وارسلهم اثنين اثنين ليعملوا في حقله لأن "ٱلحِصَادَ كَثِير، أَمَّا ٱلفَعَلةُ فَقَلِيلُون".
في القراءة من العهد القديم يطلب الرب من موسى أن يجمع له سبعين شيخاً من شيوخ اسرائيل ويقفون معه في الخيمة قائلاً له: "أَنْزِل أَنَا وَأَتَكَلمَ مَعَكَ هُنَاكَ وَآخُذَ مِنَ الرُّوحِ الذِي عَليْكَ وَأُحِلُّه عَليْهِمْ، فَيَحْمِلُونَ مَعَكَ عِبْءَ الشَّعْبِ ولا تَحْمِلُهُ أَنْتَ وَحْدَكَ".
(سفر العدد ١١/ ١٦-١٧)
يشير الرب إلى الهدف من الاختيار والارسال وهو حمل عبء الشعب وهمّه وعدم تركه على شخص واحد، فالحصاد يلزمه الكثير من الحصّادين.
يُطلق الكتاب المقدس قاعدة لا تتغير وهي أن كل من يُرسل الى الخدمة يحمل روح الله وكل من يحمل روح الله عليه الثبات في الميدان..لما استقرّ روح الرب على السبعين في خيمة موسى تنبأوا ولم يستمر منهم سوى اثنان "ألداد وميداد" وعندما طلب يشوع بن نون مساعد موسى أن يمنعهما كان جوابه مدوياً "ليْتَ كُل شَعْبِ الرَّبِّ أَنْبِيَاءَ بإِحْلالِ الرَّبُّ رُوحَهُ عَليْهِمْ".
ما تمناه موسى تحقق في كنيسة قورنتوس مع الرسول بولس.
صوّب بولس نحو الهدف مباشرة دون مقدمات فارغة وشروحات باهتة.
هدف رسالته وكل رسول ابتداءً من موسى لغاية اليوم هي الناس، وهم أيضاً مقياس نجاحها أو فشلها.
بكل صراحة ووضوح ليس هناك رعية فاشلة هناك راعٍ فاشل.. (خلّيها فجّة على طريقة بولس) لا يحتاج الراعي الناجح الى شهادة من أحد "أَمْ تُرَانَا نَحْتَاج، كَبَعْضِ النَّاس، إِلى رَسَائِلِ تَوْصِيَةٍ إِلَيْكُم أَوْ مِنكُم؟" شهادة نجاحه منه وفيه مكتوبة "في قُلُوبِنَا، يَعْرِفُهَا وَيَقْرَأُهَا جَمِيعُ ٱلنَّاس" تلك الشهادة كافية ووافية لكل رسول مجتهد يحمل فكر الرب وروحه.
تلك الشهادة لا تُقرأ بالفم بل بالقلب، يقرأها ويفهمها الأقربون والابعدون حتى الاعداء، بحسب بولس لا يوجد أي إنسانٍ أُميّ لا يُحسن قراءة لغة الروح، وكأن الروح عمل منذ التكوين على محو الأمية الروحية ونجح في ذلك، تلك اللغة تُقرأ في القلب مخارج حروفها تُنشد في الاعماق وأجمل نشيد هو عمل الله في حياة أبناء الرعية كل من يلتقي بهم يقرأ في أعماقهم ما يبهج القلب ويُسعد النفس ويُطرب الاحساس "وهيَ مَكْتُوبَةٌ لا بِالحِبْرِ بَلْ بِرُوحِ ٱللهِ الحيّ، لا عَلى أَلْوَاحٍ مِنْ حَجَر، بَلْ عَلى أَلْوَاحٍ مِنْ لَحْمٍ أَي في قُلُوبِكُم".
هنا تتماهى الرسالة مع الرسول، يُصبح هو الرسالة وتُصبح هي الرسول، كما أن الحصاد يتماهى مع الحصّادين والحصّادين مع الحصاد والراعي مع الرعية والآباء مع الابناء..صوّب بولس على شريعة الحرف والناموس القاتلة التي كُتبت على ألواح حجرية فأصبحت قلوبهم مثلها فكان وعد الله لهم "أعطيكم قلبًا جديدًا، وأجعل روحًا جديدة في داخلكم، وأنزع قلب الحجر من لحمكم، وأعطيكم قلب لحمٍ، وأجعل روحي في داخلكم".
(حزقيال ٣٦ /٢٦-٣٧)
أما شريعة العهد الجديد فهي الحب والحب فقط فيها:
١- يُصبح الراعي مستعداً للموت من أجل رعيته.
٢- تُصبح الرعية إنجيلاً جديداً تُكتب صفحاته في حياة كل فرد من أفرادها.
٣- يجد فيها الجميع راحتهم وخلاصهم لانهم مقبولون من الجميع ومحبوبون من الجميع.
٤- تتحول البيوت الى كنائس صغيرة والقلوب مسكناً وهيكلاً للروح القدس.
٥- يُصبح الحصّادون شركاء رب الحصاد في كرمه، يطلبون منه أن يرسل الحصّادين الى كرمهم.
٦- يتحول كل عمل صالح الى كتاب يُقرأ في السر كما في العلن.
٧- يتحرك إنجيل المسيح في الشوارع والمعامل والشركات والمحركات الالكترونية والشبكات العنكبوتية خلف الشاشات المحمولة في الأيادي والقلوب حيث العواطف والمشاعر والنيّات الصافية..
أحد مبارك
/الخوري كامل كامل/