ليس كل إنسان إنسان..
هناك الآدمي، إبن آدم، والترابي، إبن التراب.
هناك النوراني، إبن النور، والجسدي، إبن الظلام.
هناك القديس، إبن الله، والشرير، إبن الشيطان.
الانسان بالمطلق هو إنسان الروح، أما الانسان الأرضي فلا!!!
إنسان الروح، يبني الجمال في سنوات حياته، يعانق النور قبل انبثاق الفجر، يغزل بيديه مشاريع الخير في حقول الأجيال وينثر الحبّ في كروم البركة، يُهدي الايام إبداعات لا تنتهي في مواساة من ثقُلت عليه الظروف ونهشهته الامراض..
إنسان الروح، تحرّر من أغلال الشريعة، خرج عن القطيع، تمرّد على الواقع، كسّر المألوف، وحلّق في سماء الروح.. هو إنسان!!
من يخضع لشريعة التراب يذهب هو ومن معه الى الهلاك، فشريعة أبناء التراب هي الخطيئة، والخطيئة تُوَلّد الموت.
هل بجوز أن يُسمّى صانع السلام وبالتالي الحياة إنساناً أو إنسانياً وصانع الخطيئة وبالتالي الموت مثله؟!!
إذا جازت التسمية عِرفاً فهي لا تجوز جوهراً!! لا يتطابق جوهر الانسان الجسدي مع جوهر الانسان الروحاني.
فالانسان ليس من لحم ودم وخلايا بيولوجية، وإلا فالكثير من المخلوقات يرتقون الى هذا المستوى، إنما الانسان من طينٍ آخر ومعدن آخر هو من مقلع الروح.
حدّد بولس قاعدة الانسان ومن الصعب الخروج عنها لا بل من المستحيل استبدالها، فالانسان هو السالك بحسب الروح.لا يوجد إنسان خارج هذه القاعدة.
هذه هي الحقيقة!!
التبرير، لا لُبس فيه ولا تعقيد:"لأَنَّ السَّالِكِينَ بِحَسَبِ الإِنْسَانِ الجَسَدِيّ، يَرْغَبُونَ في مَا هُوَ لِلجَسَد، والسَّالِكينَ بِحَسَبِ الرُّوحِ يَرْغَبُونَ في مَا هُوَ لِلرُّوح.فرَغْبَةُ الجَسَدِ مَوْت، أَمَّا رَغْبَةُ الرُّوحِ فَحَيَاةٌ وَسَلام"
إنسانٌ جسدي: يخضع لرغبات الجسد.
إنسانٌ روحاني: يخضع لرغبات الروح.
رغبات الجسد: الموت
رغبات الروح: الحياة والسلام الجَسَدَ: مَيْتٌ بِسَبَبِ الخَطِيئَة، الرُّوحُ: حيَاةٌ... بِفَضْلِ البِرّهل اقتنعت؟ ليس مهماً!! إنما أعطي لنفسك فرصة جديدة ربما تقودك الى ما هو لخيرك وخير محيطك.
إذا كنت تريد ولا تستطيع أو تُحاول وتفشل لا خوف عليك، أنت على الطريق ستصل وإن تأخرت، لكن انتبه الى جهاز الارادة عندك فهو كالعضلات يلزمه عناية خاصة وتمارين مستمرة ونظام غذائي (مجازياً) خاص بك وعلى قياسك لبناء عضلات الروح فتصل لا إلى كمال الجسم بل إلى كمال الروح.. إن نموذج "الإرادة - العضلة" من أكثر الاكتشافات المدهشة التي توصل إليها العلماء.
تمامًا مثل العضلات، كلما قلّ استخدامك لقوة الإرادة، قلّت القوة التي ستمنحك إياها لمقاومة الإغراءات والرغبات "لِذلِكَ فَرَغْبَةُ الإِنْسَانِ الجَسَدِيِّ عَدَاوَةٌ لله، لأَنَّهَا لا تَخْضَعُ لِشَريعَةِ اللهِ ولا تَسْتَطيعُ ذلِكَ. وإِنَّ السَّالِكينَ بِحَسَبِ الإِنْسَانِ الجَسَدِيّ، لا يَسْتَطيعُونَ أَنْ يُرْضُوا الله."
لديك قوة إرادة أكبر، عندما تستيقظ في الصباح أكثر مما تمتلكه في المساء.
أثناء النهار هناك عشرات أو مئات الدوافع التي لديك وتكون قد تمكنت من مقاومة بعضها أو كلّها لكن الخطر هو أن تكون قد استنفدتَ قدرتك على السلوك بحسب الروح.
إذا أردت تدريب عضلات إرادتك، إبدأ نهارك بالتأمل والصلاة لبناء القدرة على التحمل وتحقيق أهدافك (الصحة الروحية) لكن إحرص في الوقت نفسه على عدم استنفادها، مما يقلل من قدرتك على التحمّل والمقاومة، لذلك يجب توخّي الحذر بغية الحفاظ على التوازن الروحي في داخلك."أَمَّا إِذَا كَانَ المَسِيحُ فيكُم، فَبِرَغْمِ أَنَّ الجَسَدَ مَيْتٌ بِسَبَبِ الخَطِيئَة، فَٱلرُّوحُ حيَاةٌ لَكُم بِفَضْلِ البِرّ."
يُتقن الرياضي فنّ تدريب عضلاته ويلتزم نظاماً (Regime) غذائياً محدداً، كذلك يُتقن الانسان السالك حسب الروح فنّ تدريب إرادته ويلتزم نظاماً روحياً وحياتياً (mode de vie) ملائماً لاهدافه لا يحيد عنه دون استنفاد إرادته بالتعرض الدائم للتجارب. (بعّد عن الشر وغنّيلو)
كيف تعزز إرادتك الروحية؟صوّب على الهدف قبل إطلاق السهم (فن تحديد الأهداف)"لا توجد رياح مؤاتية للقارب، الذي لا يعرف إلى أين يتجه.» (Sénèque)من غير الممكن أن يكون لديك قوة الإرادة دون أن يكون لديك أهداف، فمن المهم أن تقوم بإدراج أهدافك الروحية قبل بدء النهار.
خذ بضع دقائق صباحاً للتفكير في أهدافك الروحية.
خذ ورقة وقلم أو افتح مستندًا على جهاز الكمبيوتر أو الهاتف الذكي واكتب "أهدافي الروحية" في الأعلى.
بعض الأمثلة على الأهداف الروحيّة :
- تنفيذ إحدى الوصايا العشر (مثلاً لا تكذب)
- تنفيذ إحدى وصايا الكنيسة السبعة (مثلا الإعتراف)
- تنفيذ إحدى الفضائل المسيحية (مثلاً محبة الاعداء)
"شخصيتنا مكونة من عادات: من يزرع الفكر، يحصد الفعل؛ من يزرع عملاً ، يحصد عادة، من يزرع عادة، يحصد شخصية ؛ من يزرع شخصية، يحصد الانتصار» (Stephen R.Covey)من المهم خلق طقوس محددة لإنجاز المهام الروحية اليومية تلقائيًا.
(الروتين اليومي) (لا ينتصر من يقوم بمعركة يومية للاختيار بين السلطة والهمبرغر أو الحليب والمشروبات الروحية ولا ينتصر من يقوم بمعركة يومية بين الخطيئة المميتة والعرضية، بين الكذبة السوداء والكذبة البيضاء)أنت تخلق بوعي عادات إيجابية روحية تدفعك تلقائياً إلى الأمام لتحقيق أهدافك. "وإِذَا كَانَ رُوحُ اللهِ الَّذي أَقَامَ يَسُوعَ مِنْ بَينِ الأَمْواتِ سَاكِنًا فيكُم، فالَّذي أَقَامَ المَسِيحَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ يُحْيي أَيْضًا أَجْسَادَكُمُ المَائِتَةَ بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُم"
فالعادات هي مجموعة إجراءات تقوم بها، في أغلب الأحيان دون تفكير أو جهد، وقبل كل شيء حتى دون الحاجة إلى تحفيز نفسك للقيام بها، يحدث ذلك حتى لو كانت الظروف معاكسة أو غير مؤاتية أو إذا بذلت جهدًا مقصوداً لعدم القيام بها.
إنسان الروح يؤدي هذه العادات آليًا، يومًا بعد يوم، وتزيد آثارها، ويمكن أن تعطي نتائج كبيرة وضخمة في حياته، سواء عاش سنين طويلة أو قصيرة فهو منتصر منذ الان. "أَمَّا إِذَا كَانَ المَسِيحُ فيكُم، فَبِرَغْمِ أَنَّ الجَسَدَ مَيْتٌ بِسَبَبِ الخَطِيئَة، فَٱلرُّوحُ حيَاةٌ لَكُم بِفَضْلِ البِرّ".
أحد مبارك
/الخوري كامل كامل/