مع الثالوث الأقدس، نجدّد إيماننا بالله الواحد والمثلّث الأقانيم :
بالآب الذي أحبّنا وخلقنا ويعتني بنا، وبالابن يسوع المسيح، الذي افتدانا وخلّصنا بموته وقيامته، وبالروح القدس الذي يتمّم فينا ثمار الفداء والخلاص، ويحيينا ويقدّسنا.
ونجدّد إيماننا بالكنيسة، الأم والمعلّمة، التي تلدنا بالمعمودية والميرون لحياة جديدة، وتغذّي نفوسنا بطعام الكلمة الإلهية وجسد الربّ ودمه وتقدّسها بنعمة الأسرار؛ فقد أعدَّ الله العالم لمجيء يسوع المسيح قبل مجيئه، وبعد إرساله أخذ يخصص فوائد فدائه للبشر بواسطة الروح القدس الذي ينير الخاطئ ويجدد قلبه، ويحرّك عواطفه الدينية، ويرشده إلى يسوع المسيح ويحثه على قبوله بالإيمان، ويمنحه القدرة على العيشة الصالحة والنمو في الفضائل، ويساعده على إتمام واجباته، وعلى مقاومة التجارب، ويعزيه في الحزن ويسنده في الضيق، ويثبّته في السلوك الحسن ويبنيه في المعرفة السماوية.
وقد شهد كل المؤمنين الأتقياء في كل زمان ومكان أنهم شعروا بحلول الروح القدس في قلوبهم، ونالوا منه الفوائد أولاً: إنّهُ يعلّمنا ويقدّسنا ويعزّينا ويرشدنا، ويقود كل مؤمن بمفرده ويعامله معاملة شخص لآخر.
وهو يدعو من شاء إلى خدمة الإنجيل، ويعيّن خدمته ومكانها، ويُقيم الرعاة حسب إرادته.
وقد وعد يسوع المسيح تلاميذه إنه يطلب من الآب فيعطيهم معزيًا آخر ، (أي متميّزًا عنه وعن الآب) ليمكث معهم إلى الأبد، وهو روح الحق.
وقال لهم أيضًا إن الآب يرسل ذلك المعزي باسمه ، وهو يعلمهم كل شيء ويشهد له ويمجده ، ويبكّت العالم على الخطيئة.
ونرى إنجاز هذه المواعيد في قول الروح لفيلبس " تقدَّم ورافق هذه المركبة".
ولبطرس "هوذا ثلاثة رجال يطلبونك.لكن قم وانزل واذهب معهم غير مرتاب في شيء ، لأني أنا قد أرسلتهم"، وأيضًا قول الروح القدس " افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه" والقول في برنابا وشاول : " فهذان إذ أُرسلا من الروح القدس انحدرا إلى سلوكيّة".
وقول يعقوب" لأنه قد رأى الروح القدس ونحن أن لا نضع عليكم ثقلًا أكثر غير هذه الأشياء الواجبة".
وقول لوقا إن الروح القدس منع بولس ورفقاءه أن يتكلموا بالكلمة في آسيا ، وإنهم لما أتوا إلى المخلص يسوع المسيح حاولوا أن يذهبوا إلى بيسينية فلم يدعهم الروح.
وهذا يوضح أن علاقة الروح القدس بنا هي علاقة ذاتٍ بأخرى ، وهذا يدل على أقنوميته.
وهو أقنوم لأننا نُخاطبه في الصلاة ، ففي القداس الماروني مثلًا نطلب محبة الله الآب ونعمة الرب يسوع المسيح ، وشركة الروح القدس.
ويحذرنا الكتاب المقدس من أن نخطئ إليه أو نغيظه أو نقاومه ، وهذا يدل على أنه أقنوم ، نقدر أن نرضيه أو نغيظه كما أغاظه حنانيا حين كذب عليه ، وحين تمرّد بنو إسرائيل عليه تحوَّل لهم عدواً.
وقيل في اليهود إنهم دائمًا يقاومون الروح القدس.
وقال المسيح: " من قال كلمة على ابن الإنسان يُغفر له ، وأما من قال على الروح القدس فلن يُغفر له ".