حينما تكلم الرب يسوع مع تلاميذه عن مجيء ساعة آلامه وموته، إذ قال: "قد أتت الساعة ليتمجد ابن الإنسان" ( يوحنَّا ١٢ / ٢٣ )، وقال إنه قد جاء إلى العالم لأجل هذه الساعة "لأجل هذا أتيت إلى هذه الساعة" ( يوحنَّا ١٢ / ٢٧ )، تحوّل الرب يسوع من حديثه مع التلاميذ إلى مخاطبة الآب السماوي ورد عليه الآب من السماء كما يلي : "أيها الآب مجد اسمك.
فجاء صوت من السماء: مجدت وسأمجد أيضًا" ( يوحنَّا ١٢ / ٢٨ ).
ويلزمنا هنا أن نسأل عن علاقة قول الرب يسوع : "قد أتت الساعة ليتمجد ابن الإنسان" ( يوحنَّا ١٢ / ٢٣ ) بقوله للآب: "أيها الآب مجّد اسمك"، وما هي علاقة كل ذلك بآلام الرب يسوع وموته وقيامته من الأموات؟.
"أيها الآب إن العالم لم يعرفك. أما أنا فعرفتك، وهؤلاء عرفوا أنك أنت أرسلتني.
وعرفتهم اسمك وسأعرفهم ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم" ( يوحنَّا ١٧ / ٢٥ ، ٢٦ ).
عرّفتهم اسمك، في تكرار الرب يسوع لهذا اللقب الجميل "الآب" كشف عن حقيقة الثالوث القدوس، لأنه لا يوجد آب بغير ابن. وفي قوله للآب: "عرفتهم اسمك" يعني أنه قد كشف هذه الحقيقة الرائعة وهي أن إله إبراهيم هو ليس مجرد إله فقط، بل هو الآب وكلمته وروحه.
وكما شرح الآباء في الكنيسة الآولى لا يوجد آب بغير ابن ولا ابن بغير آب ومن هنا نفهم ارتباط تمجيد الابن بتمجيد اسم الآب.
لأننا حينما نرى مجد المحبة في الفداء ونعلم أنه "هكذا أحب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية" ( يوحنَّا ٣ / ١٦ ) حينئذ ندرك أبوة الآب الحقيقية.
الآب يتمجد في الخلاص الذي منحه للبشرية بواسطة ابنه الوحيد ربنا يسوع المسيح.
حينما تمجد ابن الله الكلمة الذي تجسد من أجل خلاصنا وذلك بموته المحيي وقيامته من بين الأموات، حينئذ تمجد اسم الآب بواسطة ابنه الوحيد الرب يسوع.
الآب هو ينبوع الحب وينبوع الحكمة وينبوع الحياة.
ونحن ندرك كل ذلك حينما ننال الحياة في يسوع بفعل الروح القدس العامل في الأسرار. آمــــــــــــين.