إنّ الإبن في تجسّدهُ كان موضوعًا لسرور الآب نظرًا لقداسته المطلقة وطاعته الكاملة. لهذا قال الرب يسوع :
"الذي أرسلني هو معي ولم يتركني الآب وحدي لأني في كل حين أفعل ما يرضيه"
( يوحنَّا ٨ / ٢٩ ).
وفي مناجاته مع الآب السماوي في ليلة صلبه وآلامه قال له: "أنا مجّدتك على الأرض.
العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته.
أنا أظهرت اسمك للناس الذين أعطيتني من العالم.
وعرّفتهم اسمك وسأعرّفهم ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم" (يوحنَّا ١٧ / ٤ ، ٦ ، ٢٦ ).
لاشك أن الرب يسوع قد أرضى قلب الآب السماوي الـقـُدُّوس بتقديم مثال الإنسان الكامل الذي تمّم كل رغبات الآب وأطاع حتى الموت موت الصليب.
ولكن هناك بُعدًا آخرًا لسرور الآب من نحو ابنه الوحيد المولود منه قبل كل الدهور وقبل خلق الملائكة والبشر وكل ما في العالم من موجودات.
وذلك لأن الابن في ولادته الروحية الأزلية من الآب قد حمل في أقنومه الخاص كل الصفات الإلهية التي للآب مثل الحق والحكمة والقداسة والحب والقدرة على كل شيء والعدل والقوة.
ولأن المحبة هي من صفات الجوهر الإلهي؛ فينبغي أن تمارَس بين الأقانيم الثلاثة الآب والإبن والروح القدس ، قبل كل الدهور لهذا قال الرب يسوع للآب: "لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم" (يوحنَّا ١٧ / ٢٤ ).
فالابن ، والحال هكذا ، هو موضوع لحب الآب.
لأن الآب يرى في الابن كل الكمالات الإلهية التي يحبها.
إن الابن هو موضوع سرور الآب منذ الأزل أي قبل كل الدهور وهو موضوع فرحُه الدائم.
وكل ما يمكن أن يُسر قلب الآب بالنسبة للخليقة هو من خلال الابن.
لقد بارك الله الآب قديسيه في يسوع لأنهم صاروا أعضاء في جسده أي الكنيسة، واختارهم في يسوع لأنهم باغتسالهم بدمه قد نالوا سلطانًا أن يصيروا أولاد الله.
إنّ الله لم يبارك قديسيه ويختَرهم فقط في يسوع ، بل أكثر من ذلك أنهم قد خلقوا به وله.
إنّ الخليقة قد خلقت من أجل الابن.
ليس فقط كل شيء به كان، بل كل شيء لأجله أيضًا كان. آمــــــــــــين.