تحتفل الكنيسة المقدسة في الرابع عشر من شهر سبتمبر (ايلول) من كل عام بعيد ارتفاع الصليب المقدس، ويرتبط هذا العيد بحادثة صلب وموت السيد المسيح على جبل الجلجلة.
زمن الصليب هو زمن الرجاء والتفاني والصمود، فهو مصدر قوتنا، به نقهر عدونا الشيطان وننتصر على الشر، وبقوته نعيش في ظل الحقيقة".
وهو زمن مسيرة الكنيسة متّكلة على صليب الفداء ببعديه: البعد العامودي الّذي يرمز إلى تجذّر صليب الفداء في الأرض المنتصر ارتفاعًا بقوّة القيامة؛ والبعد الأفقي الّذي يرمز إلى مسيرة الكنيسة نحو كلّ شعوب الأرض ناشرة المحبّة والحقيقة.
ولأنّ الصّليب هو علامة الكنيسة والمسيحيين، فلا بدّ من أن تكون المسيرة موتًا وقيامة، تضحيات وتعزية، على ما قال القدّيس أغسطينوس: “الكنيسة تسير بين اضطهادات العالم وتعزيات الله”.
مرحلة الالام التي عاشها يسوع "حيث تألم وأهين وأسيء اليه وكلل بشوك"، مشيرا إلى "أن هذا يعني أن زمن الصليب يذكرنا بأن طريقنا إنما فيه مشاركة بآلام المسيح أكانت من داخلنا أو من خارجنا، جسدية أو معنوية أو روحية أو اجتماعية، وكل ما يوجع الانسان أخذ قيمة خلاصية من صليب المسيح".
وقال: "نحن نتطلع عند كل الصعوبات إلى الصليب الذي هو وحده الخلاص، فنعيش الرجاء ونصمد بقوة المسيح وقيامته".
من العلامات التي يعتز بها المؤمن المسيحي، الصليب المقدس، ويتجلّى ذلك في حياته اليومية، فنراه يرسم علامة الصليب في كل وقت، في الأفراح والأحزان والآلام. فما هي قصة الصليب المقدس؟
يرتبط عيد رفع الصليب المقدس بذكرى استرجاع خشبة عود الصليب الذي عُلِّق عليه الربّ يسوع المسيح فأصبح رمزاً للفداء والقيامة والمجد.
وقد ورد في الأناجيل أن اليهود طلبوا من بيلاطس صلب يسوع، فخرج المسيح حاملاً صليبه إلى الموضع المسمّى الجلجلة.
ومن الثابت أن يسوع مات على الصليب، وبعد موته اهتم يوسف الرامي، بإذن من الوالي بيلاطس البنطي، بإنزال جسد المسيح ووضعه في قبره الخاص الجديد.
أما الصليب فتمّ طمره في التراب مع الصليبين الآخرين.
ولم يجرؤ أحد على البحث عنه أو ذكره بسبب الإضطهاد الذي كان يتعرّض له المسيحيون في القرون الثلاثة الأولى.
عندما وقعت الحرب بين الملك قسطنطين وخصمه مكسانس عام ٣١٢ طلب الملك قسطنطين المعونة من إله المسيحيين، فظهر له صليبًا في الجو ومن حوله الكتابة التالية: «بهذه العلامة تنتصر».
عندها آمن الملك قسطنطين بالمسيح وأمر برسم الصليب على ترس جنوده وكتب له النصر في الحرب.
وفي العام ٣١٣ م أصدر مرسوم ميلانو وأقرَّ للمسيحية حق الوجود واعترف بالدين المسيحي.
هذا الظهور للصليب، حثّ والدة الملك قسطنطين القديسة هيلانة على الذهاب إلى القدس بحثاً عن صليب المسيح.
وعندما سألت عنه أخبروها بأنه مدفون بالقرب من معبد فينوس الذي أقامه الإمبراطور أدريانوس، فأمرت بحفر المكان وعثرت على ثلاثة صلبان، ولمّا لم تعرف أيًا من هذه الصلبان يعود ليسوع المسيح، إقترح البطريرك مكاريوس أن تضع واحداً تلو الآخر على جثة أحد الموتى الذين كانت تمر جنازتهم في المكان في ذلك الوقت، ففعلت.
ووضعت الأول فلم يحصل أي تغيير، ووضعت الصليب الثاني أيضًا لم يتغيّر شيء.
وعندما وُضع الصليب الثالث على إمرأة متوفاة، عادت إليها الحياة بأعجوبة باهرة، ثم وضعوه على إمراة مريضة فشُفيت في الحال، عندئذ رفع البطريرك مكاريوس خشبة الصليب ليراها جميع الحاضرين فرتلوا «يا رب ارحم» ودموع الفرح تنهمر من عيونهم، فرفعت القديسة هيلانه الصليب المقدس على جبل الجلجلة وبنت فوقه الكنيسة المعروفة إلى يومنا هذا بكنيسة القيامة.آمــــــــــــين.