تحدّث سفر التكوين عن الانسان الذي " يشبه" الله، الذي هو على صورة الله ومثاله.
وهذا الشبه يعني أن الانسان خالق.
أنه، وهو الخليقة، يتابع عمل الخلق مع الله.
والله لا يحسد الانسان ولا يغار منه، كما قالت بعض النظريات.
فمجد الله في عظمة الانسان.
والله يفرح حين ينمو الانسان ويكبر. لهذا، سلّم الله إلى الانسان الأرض لكي يملأها، لكي يفلحها ويزرعها.
قال: »انموا واكثروا واملأوا الأرض« (تك ٢٨ / ١ ).
وأخذ الربّ الإله الانسان وأسكنه في جنّة عدن ليفلحها ويحرسها".
قيل أن الربّ استراح في اليوم السابع من العمل الذي عمله.
ولكن هذا لا يمنعه من أن يعمل دوماً مع الانسان ومن أجل الانسان، من أجل كمال العالم، وتمام التاريخ.
وهكذا نفهم أنه إن سيطر الانسان على العالم، فهو لا يتعدّى على قدرة الله.
وحين صعد الانسان على القمر أنشد نشيد الخلق: في البدء خلق الله السماء والأرض... إملأوا الأرض وأَخضعوها وتسلّطوا على سمك البحر وطير السماء وجميع الحيوان الذي يدبّ على الأرض.
فقدرة الله لا تزاحم سلطة الانسان في الكون.
"من منكم يستطيع مع الجهد أن يزيد على عمره ذراعاً واحدة".
ما يريد يسوع أن يقوله هنا، هو أن حياتنا تظلّ في يد الله.
يتشارك الله مع الانسان.
إن يسوع يجعلنا أمام مسؤولياتنا بالنسبة إلى النعمة أو إلى المواهب التي نلناها.
وهكذا لا تتعارض أعمال البشر بالضرورة مع أعمال الله.
وحين ينجح الانسان يفرح الله بهذا النجاح. ولكن يجب أن لا ننسى أن النجاح العقليّ (أو: النجاح العلميّ) قد لا يعني نجاح الانسان، قد لا يعني تقدّماً ونمواً من أجل الانسان.
فالتقدّم العلميّ قد يحمل الخير كما يستطيع أن يحمل الشرّ.
ويكفي أن نذكر أن أول اكتشاف للذرة كان من أجل تدمير مدينتين كبيرتين في اليابان هما هيروشيما وناغازاكي.
وهذه الذرّة ما زالت تهدّد بإفناء الكون والعودة به إلى العدم.
حين أعطى الله الانسان القوّة بأن يتسلّط على الكون، فهو لم يسمح له بأن يستعبد قريبه: فالأخوّة بين أبناء الآب السماويّ يجب أن تخفّف من القوّة التي بها يفعل الانسان على حساب الضعفاء.
ثم إن السلطة على الكون هي قبل كل شيء مسؤوليّة.
فالعالم المخلوق هو، على جميع مستوياته، عمل الله، وعلى الانسان أن يؤدّي عنه حساباً.
هنا تُطرح مسألةُ احترام البيئة، احترام الخليقة التي سلّمها الله إلى أيدينا.
أجل الله خلق. وهو ما زال يخلق.
فالخليقة لم تصل بعد إلى النهاية.
فالله ما زال يعمل مع الانسان من أجل إتمام العمل الذي فيه يجمع يسوع في شخصه كل ما في السماء وما على الأرض ( رسالة مار بولس إلى أهلِ أفسس ١٠ / ١ ). آمــــــــــــين.