حُبّهُ الأبويّ نحو البشر ، لن يفصح الآب السماوي عن عظمة حبِّهِ اللامتناهي، يا أيها المؤمن :
يكفي أن تفتح الكتب المقدّسة، وأن تنظر البشرية إلى المصلوب والفداء، حتّى يُدركوا مقدار حبِّهِ لكم. ولكي أجعلكم تعرفون حاجتكم إلى تتميم إرادتِهِ فيكم، ولكي يَكون من الآن فصاعداً معروفاً ومحبوباً بصورة أفضل يُريد قبل ختام هذه الكلمات البسيطة، التي هي أساس محبّتِهِ بين البشر، أن يُظهر لكم بعض الأدلّة التي تَعكُس محبّتِهِ لكم!طالما الإنسان لا يعيش في الحقّ، فأنّه لا يشعر قط بالحريّة الحقيقيّة: تظنّون أنتم الذين تعيشون خارج الشريعة الحقيقيّة التي من أجلها خُلقتم، إنّكم في حريّة وسلام، ولكنّكم تشعرون قي أعماق قلوبكم بغياب السلام والفرح الحقيقيّين، وأنّكم لستم في الحريّة الحقيقيّة التي لخالقكم وإلهكم وأبيكم.
وأنتم الذين تسيرون على الشريعة الحقيقيّة، أو أنتم الذين وعدتم بأن تسلكوا حسب تلك الشريعة التي أعطاها لكم لتضمن الخلاص، ها إنّكم الآن تسلكون حسب شهواتكم إلى الشرّ.
وابتعدتم عن الشريعة بسلوككم الشرير. أتعتقدون بأنّكم فرحين؟ كلّا.
تشعرون بغياب الطُمأنينة.
أتظنّون أنّ البحث عن الملذّات والأفراح البشريّة سَيُطَمْئِن قلوبكم؟ كلّا.
دعوني أخبركم أنّكم لن تنعموا بالحريّة ولا بالسعادة الحقيقيّة، طالما لم تعرفوه كأب وتخضعوا لحكمِهِ ، وحتّى تكونوا أبناء حقيقيّين لله أبيكم! لماذا؟ لأنّهُ خلقكم لغاية واحدة، وهي أن تعرفوه وتحبّوه وتخدموه ، كما الطفل البسيط والمليان ثقة يخدم أباه.
في زمن ما وفي العهد القديم، كان البشر يسلكون كالبهائم، لم يحتفظوا بأيّة علامة تشير إلى كرامتهم بأن يكونوا أبناء الله، أبيهم.
ولكيّ تتعرّفون بأنّهُ كان يُريد أن َيرفعكم إلى الرتبة العظمى، رتبة أبناء الله، اضطر أن يظهر بصورة القاسي والمرعب أحياناً.
وبعد زمن آخر، وعندما رأى أنّ هنالك من العقلاء من يستطيع أن يُدرك أخيراً ضرورة التمييز بينهم وبين البهائم، بدأ يُفيض عليكم حينئذٍ خيراتَهُ ، ويَنصركم على أولئك الذين لم يكونوا قد عرفوه بعد، ولم يحتفظوا بكيانهم كبشر.
وبما أنّ عددهم كان دائماً في إزدياد أرسل لكم ابنِهِ الوحيد ، متحلّياً بكلّ الكمالات الإلهيّة لأنّه ابن الله الكامل وهو الذي رسم لكم طرق الكمال، الذي لأجله تبنّاكم في حبِّهِ الأبديّ، كأبناء حقيقيّين وبعد ذلك لم يدعوكم بإسم " مخلوقات" ، بل "أبناء " . ألبسكم روح الشريعة الجديدة التي تميّزكم ليس فقط عن البهائم كأصحاب الشريعة القديمة، بل أيضاً رفعكم فوق أناس العهد القديم.
لقد رفعكم جميعاً إلى رتبة أبناء الله.
نعم إنّكم أبنائِهِ ويجب عليكم أن تدعونَهُ أباكم، وأن تثقوا فيهِ كأبناء، وبدون هذه الثقة لا يمكنكم أبداً أن تنعموا بالحريّة الحقيقيّة.
يَقول لكم هذا حتّى تعرفوا أنّهُ آتٍ بعمل الحبّ هذا لكي يُساعِدكم بقوّة على إسقاط العبوديّة الطاغيّة التي تأسر نفوسكم، ويجعلكم تتذوّقون الحريّة الحقيقيّة والتي لا تساوي الأفراح الأرضيّة في مقابلها شيئاً.
ارفعوا نفوسكم إلى مرتبة أبناء الله، وتعلّموا أن تحترموا عظمتكم، وهو سيكون دائماً وأبداً أباكم الأكثر حبّاً ورحمةً.
إنّهُ بهذا الحبّ ، أتى كي يحمل السلام.
فإنْ أكرمهُ أحد ووثق في الآب السماوي سينزل عليه شعاعاً من سلام في الضيق والشدائد والآلام والأحزان، خاصةً إذا دعيتوه أن يكون أب لحياتكم وأحبّتموه كأب.
لو كانت البشريّة تدعونَهُ وتكرّمَهُ لأنزل عليها روح السلام كقطرات الندى المنعشة لأنّهُ إله السلام وحيثُما يوجَد لا توجَد الحروب.
لا يبتغي من عمل الحبّ هذا، إلّا أن يجد قلوباً في مقدورها أن تفهمَهُ.
هو القداسة ولهُ كمالها وملؤها. سيُعطيكم هذه القداسة، التي هو صانعها بواسطة روحِهِ القدّوس والتي غرسها في نفوسنا بإستحقاقات ابنَهُ الوحيد الرب يسوع المسيح.
يأتي إليكم وفيكم بواسطة ابنِهِ يسوع وروحِهِ القدوس، ويجد راحتَهُ معكم. آمــــــــــــين.