لا يريدنا الله الآب أن نعبده كمُستعبَدين، بل أن نحبّه كأبناء، وكأبناء، نأتي إليه نسأل ونطلب ونقرع بابه: إنَّها دعوة مميَّزة لنيل عطايا الآب السماوي الـقـُدُّوس مؤيَّدَةً بوعدٍ من فم ابنه الوحيد ربّنا يسوع المسيح، بأنَّ كلّ من يسأل ينال.
يتفهّم الربّ يسوع احتياجاتنا ورغباتنا وكلّ ما نريده، فكيف لا نلمس تأكيد يسوع أنَّه يسمعنا نطرق الباب ويرانا ونحن نبحث عنه ؟ لا نجد هذه الآيات في مكان واحد في الكتاب المقدّس، إنّما في كلّ صفحة منه.
ففي إنجيل القديس يوحنّا مثلاً يقول لنا: "مهما سألتم باسمي فذلك أفعله".
هذه الكلمات فاه بها يسوع لتقوّي إيماننا وتجعله منبعاً للفرح والرجاء والثقة الكاملة بوعوده الإلهية. إنَّها دعوة مميَّزة لنيل عطايا الآب السماوي مؤيَّدَةً بوعدٍ من فم ابنه الوحيد ربّنا يسوع المسيح، بأنَّ كلّ من يسأل ينال.
لقد سمعنا أو قرأنا هذه الكلمات مرّات عدة، أكان في القداس الإلهي، أم في خلوةٍ روحية، أم عند قراءتنا الكتاب المقدَّس.
أصبحت تلك الكلمات شائعة، ويمكن أن تفقد تأثيرها ما لم نتعمَّق بحقيقة كلّ ما تعنيه.
وهكذا ندرك أهمّية الصلاة في حياتنا، فهي تقوّي علاقتنا بالله، وتزيّننا بالفضائل، وتعزّز خدمتنا لأجل ملكوت الله، كما توطّد علاقاتنا بإخوتنا وأخواتنا، وتؤول إلى بنيان الكنيسة.
فالصلاة ليست فروضًا نؤدّيها بلا روح ولا عاطفة، بل هي مناجاة الأبناء إلى أبيهم السماوي، مصدرِ الخير والبركة، وهي نموٌّ مستمرٌّ في محبّته واغتناءٌ من روحه القدوس.
يبقى أن نعرف ما المقصود بأنّ القلوب هي عرش الله.
والمقصود واحد دائمًا: أن يحكم الله حياتنا وكياننا كلّه، بمعنى أن نُـخْلص له الـودّ دائـمًا، وأن تـكون مشيئـتـه هي مشيئــتــنا نـحن دائمًا.
ثـمّة تـرابـط محـكم مـا بـيـن طاعة مشيئة الله واستعلان ملكوته.
وهذا الترابط يُظهره الربّ، في الصلاة الربّيّة، بتعليمنا أن نطلب: "ليأتِ ملكوتك، لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض".
يوم وُلد يسوع، أتى ملوك المشرق، وسجدوا له، وقدّموا له هداياهم (متّى ٢ / ١١ ).
وما من برهان أسطع من أنّ يسوع هو الملك الحقّ كما أن يسجد للملك ملوكُ الأرض.
ولكنّ هذا يبقى برهانًا غريبًا عن قلوبنا، إن لم نقتدِ بمن فعلوا، أي إن لم نأتِ، نحن أيضًا، إلى يسوع، ونحنِ له، ونقدّمْ له أغلى ما عندنا (حياتنا).
فإن فعلنا وأخلصنا له دائمًا، يُقيمنا هو، ملكُ الملوك، ملوكًا في ملكوته، آمــــــــــــين.