إنّهُ شهر النفوس المطهريّة يَطِلُّ علينا نصلي لإجلهم.
قال معلّمو الكنيسة إن النفوس المطهريّة تتحمّل ألم النيران، نعم ليس قول القديسين من باب الإيمان، ولكن ما أجمع عليه رأي العلماء الكبار هو رأي صحيح.
ومن الجسارة شذوذنا عن رأيهم.
قال القديس أوغسطينوس: “لا تختلف نيران المطهر عن نيران جهنّم إلا بالزمان”.
وقال القديس توما: “ليست نيران الأتون الحامية، ولا النيران التي أحرقوا بها الشهداء سوى ظل للنيران المطهريّة حيث تُكفّر تلك النفوس عن هفواتها، من منا لا يرتعد عند سماع هذه الكلمة “الى النار” وهل أقسى من نار تعذب من فيها قلباً وقالباً وتستقرّ وتستمرّ في قرارة نفسه؟ ومن منا يستطيع تحمّل جمرة متوقّدة على يده دقيقة واحدة! أما النار الزمنية هنا فتحرق الجسد لا غير، أما نيران المطهر فتحرق وتحرق النفس عينها، وتتغلغل في قرارات حسّها وذاكرتها وعقلها.
فليست نارنا هنا شيئاً بالنظر الى نار المطهر.
فهناك نيران ثأر وعقاب يضرمها العدل الإلهي، فتحرق النفس لتنقّيها وتحفظها ولا تفنيها.
وإذا رأينا حريقاً أمامنا هالنا منظره ودفعتنا روح المفاداة لنقتحم قلب اللهيب لتخليص من هو بجوفه يحترقون.
فهل نبقى بموقف المتفرّجين حابسين شعورنا إزاء تلك النفوس المعذّبة بالمطهر وهي تستغيث بنا: إرحمونا، إرحمونا ولا نرحمها بشيء من المساعدات الروحيّة.
واستحقاقات العذراء القديسة أمّنا فهي كلّها كنوز غنية وينابيع فيّاضة تحت تصرّف وحراسة الأم الكنيسة المقدّسة وتوزّع منها على المحتاجين، وأوّل المحتاجين النفوس المطهريّة، وهذا ميراث العائلة المسيحية العظيم تستغلّه لمحو خطاياها وإبقاء ما فُرض عليها من قصاص زمني هنا او في المطهر.
فلنوجّه إذاً كل ما نحصل عليه من هذا الميراث الى مساعدة النفوس المطهريّة ونحن قادرون، أما تلك النفوس فهي عاجزة عن أن تربح شيئاً لأجل ذاتها. آمــــــــــــين.