إنّهُ شهر النفوس المطهريَّة يَطلُّ علينا لِنُصلّي لأجلهم.
إنّ الكنيسة تدين التعليم القائل بخلاص البشريّة كلّها مع الخطأة والهالكين والشياطين في عودة إلى حالة الأصل، وهو معروف في النقاشات اللاهوتيّة بلفظة Apocatastase.
فلا يمكن القول إننّ التاريخ سوف ينتهي بخلاص الجميع.
لكنّ الإيمان بمجيء ملكوت الله مع المسيح الآتي ديّانًا في نهية الازمنة، والقول بأنّ سعادة القدّيسين تقوم على انتصار الحبّ، يدعواننا إلى الرجاء بخلاص شامل.
لذلك، على المؤمن المسيحيّ أن يرجو خلاص البشر جميعًا، وفي الوقت عينه، أن يعتبر أنّ هناك إمكانيّة لهلاك حقيقيّ.
فالإنسان هو "كائن مع إمكانيّة الخطأ" أي مع إمكانيّة حقيقيّة لرفض الله، وهو بهذا يحقّق حريّته الخاطئة.
هناك إذًا احتمال لهلاك أبديّ بدونه، لا تستمرّ جدّية تاريخ بشري حرّ.
يبقى هذا الاحتمال حقيقيًّا طالما أنّ ثمّة بشرًا يعيشون في الزمن، وأنّ كلّ إنسان سيخضع لدينونة الله.
إنّ المسيحيّ يرجو السماء، لا جهنّم.
والكنيسة ترجو وتصلّي ليصل العالم والبشريّة كلّها إلى الكمال بقوّة نعمة الله في يسوع المسيح.
أما الانسان الذي يموت في حالة الخطيئة المميتة من دون توبة عنها، ومن دون تقبّل محبّة الله ورحمته، فيقصي ذاته عن الشركة مع الله والقدّيسين باختياره الشخصي الحرّ.
هذه الحالة يُدلّ عليها بلفظة "جهنّم".
إنّ الكنيسة تسلّم جميع البشر لرحمة الله، وتدعو إلى الابتعاد عن التصاوير والتنظيرات المادّية والشيئيّة لجهنّم التي تبقى حالة وليست مكانًا.
إن إرادة الله الخلاصيّة الشاملة تبقى الأساس للرجاء ولممارسة الحياة المسيحيّة.
الصلاة من أجل الموتى :
منذ بداياتها، والكنيسة تصلّي من أجل الموتى، وبخاصّة في احتفالها الإفخارستيّ.
غالبًا ما نتصوّر هذه الصلاة كطلب موجّه إلى الله، ليتنازل ويجنّب الموتى المؤمنين المطهر أو يقصرّه.
لكن بما أنّ التطهير هو اللقاء مع المسيح في الموت، يكون، بالنّسبة إلينا، نحن العائشين في الزّمن، الكلام على مدّة زمنيّة لعقوبة المطهر.
ومن المعلوم أنّه لا يمكننا استعمال المقولات الزمنيّة خارج الزمن والحياة البشريّة.
لذا، يجب وضع هذه الصلاة في إطار التشفّع وشركة القدّيسين التي توحّد الكنيسة كجسد واحد متضامن ومتعاون في كلّ أوقات. آمــــــــــــين.