إنَّهُ شهر النفوس المطهريَّة يَطلُّ علينا لِنُصلّي لأجلهم.
تذكر الكنيسة اليوم موتاها المؤمنين.
هي كنيسة الأرض، المجاهدة لبناء ملكوت الله، تصلّي من أجل أبنائها وبناتها في كنيسة المطهر المتألّمة.
ترفع القداسات والصلوات وتقدّم أعمال المحبة والرحمة لراحة نفوسهم والتخفيف من آلامهم المطهريّة.
أوّلًا، كنيسة المطهر المتألّمة:
المطهر عقيدة إيمانية علّمتها الكنيسة في مجمع فلورنسا ( سنة ١٤٣٨ )، وفي المجمع التريدنتيني في دورته الخامسة والعشرين (سنة ١٥٦٢ - ١٥٦٣ ).
تعلّم العقيدة أنّ الذين يموتون في حالة النعمة وصداقة الله، ولكن غير منقّين بالكامل، ولو كان خلاصهم الأبدي أكيدًا، إنّما يخضعون بعد موتهم، لتطهيرهم من خطاياهم، لكي ينالوا القداسة اللازمة من أجل الدخول في سعادة السماء ( كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، ١٠٣٠ ).
في كتب العهد القديم، توجد نصوص تتكلّم عن تقديم الذبيحة التكفيرية عن الموتى، لكي يُحلّوا من خطاياهم ( ٢ مكابيّين ١٢ / ٤٥ ).
والكنيسة منذ بداياتها كرّمت تذكار الموتى وقدّمت الذبيحة القربانيّة لراحة نفوسهم، لكي، بعد تطهيرهم، يبلغون مشاهدة الله السعيدة. والكنيسة توصي أيضًا بأعمال التصدّق، والغفرانات، وأعمال التوبة من أجل الموتى (كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، ١٠٣٢ ).
القدّيس يوحنا فم الذهب كان يوصي بمساعدة موتانا بالصلوات التي نقدّمها من أجلهم.
في رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل كورنتس إشارة إلى نار المطهر إذ يقول أن “الذي يخلص، إنّما كمن يمرّ في النار” ( ١ كور ٣ / ١٥ ).
تعلّم الكنيسة أن للخطيئة نتيجتين:
الخطيئة الثقيلة المعروفة بالمميتة تفصل الخاطئ عن الشركة مع الله، وتحرمه من الحياة الأبدية.
هذا الحرمان هو الهلاك الأبدي.
أمّا الخطيئة العرضية التي هي تعلّق غير سليم بالمخلوقات، فتحتاج إلى تطهير سواء على الأرض، أم بعد الموت “في حالة المطهر”.
هذا التّطهير يُحرّر من “القصاص الزّمني”.
إنّ الإرتداد الذي ترافقه محبّة شديدة قد يصل إلى تطهير الخاطىء بالكليّة، بحيث لا يبقى عليه أي قصاص زمني (التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، ١٤٧٢ ).
إنّ الصلاة من أجل الموتى تندرج في شركة القدّيسين أي في صلاة التشفّع من أجلهم التي هي مشاركة في صلاة المسيح الذي يشفع من أجلنا.
بقوّة شركة القدّيسين توكل الكنيسة موتاها لرحمة الله، وتقدّم من أجلهم أعمال رحمة وذبيحة القدّاس (المرجع نفسه ١٠٥٥ و٢٦٣٥ ). آمــــــــــــين.