إنّهُ شهر النفوس المطهريّة يَطِّل علينا نصلي لأجله.
الإنسان المؤمن الذي لا يخلو من شوائب أو هفوات أو بعض الدنس هل يدخل السماء مع الإنسان القديس فهذا لا يعقل فهل يدخل مثل هذا الإنسان إلى جهنم مع الأشرار والخطاة فهذا أيضاً لا يطاق ولا يعقل لما يحويه من ظلم.
فماذا يكون المصير لهؤلاء؟ هل نقف عند هؤلاء ونتركهم دون أن نحدد لهم لا مكافأة أو ربح أو خسران وعتاب.
ما مصير مثل هؤلاء؟
- المنطق هنا يقول بوجود حالة ثالثة يطلق عليها المطهر فيها تتطهر النفس البشرية من كل الأدناس والشوائب حتى يصبح عليها الملابس اللائقة بالوليمة والعرس والاحتفال ومع المنتصرين في السماء.
- وليست الصلوات والقرابين بملزمة لله، وإنما هي محاولات يتوقف نجاحها على موافقتها لإرادة الله، وإن كان لنا وعد من الوحى أنها نافعة إذا كانت خطايا المتوفي غير مميتة ( ١ يو ٥ / ١٦ ).
ومن الاستهتار بقداسة الله وعدالته، أن نظن أن الخطايا غير المميتة لا تستحق من الأحياء كل هذه العناية، أو أن الله لا يكترث للأخطاء غير المميتة، ونحن نعلم "أنه بدون القداسة لن يرى أحد الرب" "وأن السموات ليست بطاهرة أمام عينيه وإلى الملائكة ينسب حماقة، وأن السماء لن يدخلها شيء دنس، ولا ما يصنع رجساً وكذباً".
ولما كنا جميعاً غير كاملين كما أن أبانا الذي في السموات هو كامل، فلابد لنا من أن نطلب المغفرة للموتى، وإلا فلن يستحقوا الحياة السعيدة حتى ولو كانوا أبراراً وصديقين " لأنه ليس أحد طاهراً من دنس الخطيئة ولو كانت حياته يوماً واحداً على الأرض".
وفي هذا الاسترحام ما فيه من الاحساس العميق بقداسة الله التى لا تحتمل أن ترى بين سكان السماء شراً أو شبه شر، وبعدالة الله التى تقضي على الإنسان جسبما يكون عمله، فضلاً عما في الاسترحام أيضاً من فضائل المحبة لأخوتنا، والاهتمام بمصيرهم، بل وفيه اعتراف ضمني وإيمان وثيق بالحياة الأخرى، وبالثواب والعقاب، وإلا فلا معنى للصلاة عن الموتى وطلب المغفرة؟!! ونحن في غنى عن البيان بأن قول الكنيسة "وليس أحداً طاهراً من دنس الخطيّئة ولو كانت حياته يوماً واحداً على الآرض" إشارة إلى الخطيئة الأصلية التي يولد الطفل وارثاً لحالة آدم فيها، وأنه لا سبيل إلى غفرانها إلا بموته مع المسيح في المعمودية المقدسة، التى أسسها الرب لينال بها المؤمنون استحقاقات الفداء بفعالية الروح القدس الذي يكسب المياه الطبيعية هذه الحياة الروحية.
ومن هذا كله نرى أن التطهير بدم المسيح وحده، وأن الصلوات عن الراقدين لا قوة لها في ذاتها إلا من حيث استنادها إلى دم المسيح وعمل المسيح، آمــــــــــــين.