إنّهُ شهر نفوس المطهرية يَطِّل علينا نصلّي لأجلهم.
- إن نفوس الراقدين تنتظر قيامة الأجساد والدينونة العامة التي يقيمها المسيح الأتي في مجده، ولن تكمل المشاهدة الطوباوية إلا بعد هذه الدينونة، كما سينال كل المخلصين مع قيامة الجسد مجدهم الكامل الذي يمنحهم ميراث الملكوت.
- بعد الموت، سينعم القديسون بالمشاهدة الطوباوية لله الثالوث الأقدس ، بينما يحرم الذين رقدوا في غير توبة من هذه المشاهدة الطوباوية، فهذا الانعام المباشر يسمى بالدينونة الخاصة. إلا أنه ليس كالدينونة العامة ولكنه اكتشاف النفس لذاتها في النور الإلهي.
وتسمى المشاهدة الطوباوية لله مثلث الأقانيم بالفردوس أو السماء أو ملكوت السماوات.
وقد تظل سعادة القديسين غير مكتملة حتى تتحد النفس بالجسد القائم من الموت في ملء مجد جسد المسيح.
عندما تشير الكنيسة إلى الآلام المطهرة لا تعني مطلقاً انها عقاب الله للخاطئ، لأن الله "هكذا أحب العالم حتى بذل ابنه الوحيد" ( يوحنَّا ٣ / ١٦ ) "والله لا يناقض ذاته" ( ٢ طيموتاوس ٢ / ١٣ ).
فان كان للتائب آلام بعد الموت، فمصدر ذلك هو التشوق لرؤية الله والنمو في حبه والاتحاد بألام المسيح الذي فتح لنا بصليبه باب القيامة والملكوت.
إن تعليم الكنيسة عن المطهر يعنى أن النفس الذي ترقد في التوبة ومحبة الله وعدالته لا تزال تحمل نتائج الخطايا المرتكبة.
هذه النفس تطهر بعد الموت من كل هذه النتائج بواسطة الآلام المطهرة.
إن الآلام المطهرة وصلوات الكنيسة من أجل الراقدين والغفرانات التي تمنحها الكنيسة، ذلك كله لا يمكن أن يعتبر أيفاء للدين لله لكي ينقل الموتى إلى الحياة الطوباوية السماوية.
ان دين كل خاطئ في نظر الله قد تم أيفاؤه اماماً بذبيحة المسيح في آلام المسيح التي تحملها مرة واحدة على الصليب، كما أن صلوات الكنيسة والغفرانات ليست إلا توسلات ترفعها الكنيسة من أجل أعضائها في شركة القديسين.
- كانت نفوس الأموات تذهب إلى الجحيم، لأنها جميعاً أخطأت بخطيئة آدم، فأدركها الحكم بالموت الذي أدرك آدم "بإنسان واحد دخلت الخطيئة إلى العالم، وبالخطيئة الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع" (روما ٥ / ١٢ ).
إذاً هو السر في حاجة البشرية إلى الفادي، لأنه بدونه لا يمكنهم أن يخلصوا من حكم الموت الأبدي، وبدونه لا يستطيعون أن يدخلوا ملكوت السموات.
ولا أن يعاينوها.( يوحنَّا ٣ / ٣-٥ ).
لهذا صلب المسيح ومات فداءاً عن المسبيين الذين سباهم الشيطان إلى مملكته ومضي بهم إلى الججيم، فأنطلق المسيح إلى ذات الجحيم لينفذ الخراف من فم الذئب "وأما أنه صعد فما هو إلا أنه نزل أيضاً أولاً إلى الأرض السفلية " ( أفسس ٤ / ٩ ).
ورد الذين اختطفهم إبليس، ونقلهم من الجحيم إلى الفردوس "سبي سبياً وأعطى الناس عطايا" ( أفسس ٤ / ٨ ).
أجل "نزل المسيح إلى الجحيم، ومن هنا يجب أن نستفسر عن عمل المسيح بعد نزوله إلى الجحيم وتحرير النفوس من هذا السجن، هل وضعهم المسيح في سجن أخر اسمه الفردوس؟ ماذا فعل المسيح بعد قيامته: ألم يفتح باب النعيم أمام البشرية بعد أن أُغلق بعد الخطيئة؟ يجب تحديد معنى الفردوس والحياة الأبدية؟ هل حمل المسيح النفوس من مكان إنتظار إلى مكان إنتظار آخر؟
خاتمة: المطهر عقيدة إيمانية حية وتناسب عدل الله وقداسته ورحمته ومقبولة لدى العقل البشري وفترة المطهر هي فترة الاستعداد لمقابلة العريس وهي فترة اشتياق أو اكتمال الاشتياق وفي المطهر يتم الوصول إلى الكمال عن طريق صلوات الآخرين وبعد التطهير في المطهر يستطيع الإنسان مقابلة المسيح وبعض اللاهوتيين يشبهون المطهر بالزواج المتأخر أو المؤخر حيث نجد العروس موجودة ولكن في حالة انتظار فانظر العذاب عذاب هذا الانتظار ومن اختبره.
المطهر لا يجد له معنى بعيداً عن دم المسيح المسفوك على عود الصليب فالمطهر هو نابع من فاعلية دم المسيح وقوته التي تمتد حتى ما لا نهاية لأن دم المسيح قمة الرحمة والحب والعدل أيضاً. آمــــــــــــين.