فهو بداية زمان مُهمٍّ لحياتنا الرّوحية، بل أن نلبس مسوح التوبة، ونرى نفسنا على حقيقتنا، وأن نسمع كلماتٍ، غريبةً على آذانِنا، مثل: صوموا، توبوا، امتنعوا عن كذا وكذا! وأن نُظهر وجهَهُ الصّحيحَ أمام الله ونفسنا، وذلك بعيشة لائقة، مُرضية، إذ ما خُلِقنا فقط للأفراح الدُّنيويّة والملاذ العابرة، الزّائلة، والّتي لا تترُكُ وراءها سوى المرارة وخيبة الأمل، وإنّما للاشتراك في بناء هذا العالم من جديد، الّذي أحدثت فيه الخطيئة الأصلية خراباً كبيراً، فتقع على عاتق كلِّ واحدٍ منّا، مُهمَّةُ إصلاح جزءٍ من هذا الخراب.
وهذا هو الوقت المناسب والمقبول عند الله، أن نأخذ مهمَّتنا مأخذ الجد، إذ هذا هو الوقت الّذي نقدر أن نستغلَّه لإصلاح نفوسنا وحمايتها.
إذا أردتَّ أن تُصلح العالم، فعليك أن تبدأ بإصلاح نفسِكَ أوَّلا.
رغم ضُعفنا أمام قوّة الشّر، إلا أنَّ الله أعطانا القوّة لنصنع الخير، ونقف بوجه الشّر.
وهذا ممكن، إذا ما قمنا بأعمال الرحمة والتوبة والصلاة والحسنة، التي تُوصي الكنيسة بمُمارستها في هذا الوقت.
نحن نقع في الخطيئة ونسير على طُرُقٍ مُعَرْوَجة: إنّي أعمل ما لا أريد، قال بولس.
لذا فنحن نحتاج إلى التوبة والنّدم، وهذه الأربعين يوما هي للتوبة والنّدم، الفردي والجماعي في الكنيسة.
كلّ ممنوع مرغوب، قال المثل.
لكن هذا هو الوقت ليبقى الممنوعُ ممنوعا، لا للمنع بالذات ولكن كتضحية والتّسلُّط على الذّات وتقوية الإرادة.
لا تصوموا كالمرائين، فهم يريدون ـن يُظهروا للناس أنهم صائمون ( متى ٦ / ١٦-١٨ ).
حسب الموقف الشخصي من الصوم، أفهم بالتّالي من أنا وإلى أيِّ مدى، أقدر أن أُضحّي بالشهوات والميول الشرّيرة في حياتي، فأُصلِحُها.
هذا هو الوقت الذي تُقدِّمه لنا الكنيسة لتحسين حياتنا. آمــــــــــــين.