من آية تحويل الماء إلى خمر فائق الجودة، تبدأ عملية تحويل الانسان من حالة المرض الى حالة الصحة، ومن حالة الخطيئة الى حالة النعمة، ومن حالة الفساد الى حالة الطهر والنقاء. يسوع، فادي الانسان، هو طبيب الاجساد والارواح.
زمن الصوم هو زمن التحوّل والتجدد وشفاء.
الابرص يعرب عن ايمانه بأن يسوع قادر على شفائه، فتوسّل اليه ليشفيه.
يسوع استجاب لصلاته، واعطاه حسب ايمانه اي الشفاء من البرص، هذا المرض المشوّه لجسد الانسان، والمعدي الذي يفصل المصاب به عن الجماعة، ويلزمه بالعيش في البراري.
لكن يسوع هو دائماً صاحب المبادرة الاولى الذي يبحث عن الخاطىء والمريض ليشفيه.
أليس هو الاقنوم الثاني من الثالوث الاقدس، كلمة الله وابن الآب، الذي "نزل من السماء لاجلنا ولاجل خلاصنا"، كما نقول في النؤمن؟ اسمه " يسوع" يعني " الله الذي يحلّص شعبه من خطاياهم" ( متى ١ / ٢١ )، و" عمانوئيل – الله معنا"( متى ١ / ٢٣ ).
قصد يسوع الابرص في القفر : "قام قبل طلوع الفجر، وذهب الى مكان قفر، واخذ يصلي هناك... ثم سار في كل الجليل، فوافاه ابرص".
البرص هو رمز الخطيئة التي تشوّه نفس الانسان، عقله وارادته وقلبه، حريته وضميره.
انها مرض مميت مثل البرص، يدنّس الكائن البشري، المخلوق في الاساس على صورة الله، صورة القدوس والبارّ.
بالخطيئة خسر الانسان براءته، ولا يستطيع ان يصبح باراً من جديد إلاّ ببرارة الله، وبرارة حبّه.
هذه البرارة ظهرت في الايمان بيسوع المسيح" ( روما ٣ / ٢٣ ).
الخطيئة هي في اساس كل فساد وظلم وشر في العالم، المعبّر عنه " بالاثم" في الكتب المقدسة.
ان اول عمل برّ او صلاح هو الاقرار بالاثم الشخصي المتأصل في اعماق الذات، والتماس الشفاء منه والغفران: " اذا، شئت، فأنت قادر ان تطهّرني".
الصيام والتقشف والتأسف ثلاثة تبقى من دون قيمة في نظر الله، ما لم تكن علامة القلب التائب حقاً وباخلاص.
هكذا ينبغي ان تكون ممارسات الصوم والصلاة والتصدّق وافعال الرحمة علامات لتوبة القلب، في نظر الله الذي يسبر اعماق القلوب، لا في نظر الانسان.
فالمكافأة الحقيقية ليست من اعجاب الآخرين بل من صداقة الله والنعمة التي يمنحها، وهي نعمة تعطي السلام والقوة لفعل الخير، ولمحبة من لا يستحق، ولمغفرة الاساءة لا بدّ، في زمن الصوم، وهو مناسبة للتوبة والتجدد والتغيير، من أن نقصد الرب يسوع في سرّ الاعتراف، لنقرّ بخطايانا الشخصية لله، بواسطة الكاهن الذي فوََّض اليه الكاهن الازلي يسوع المسيح، سماع الاعتراف، ومنح نعمة الغفران والشفاء والحياة الجديدة.
اما تقدمة التكفير والشكر والعرفان فهي ذبيحة القداس، حيث الرب يسوع يكفّر عن خطايانا، وهو بذبيحته صلاة الشكر والعرفان.
لقد حمل يسوع كل خطايانا، وهو البار، لكي نصبح نحن برّ الله (٢ كور ٥ / ٢١ )، وندخل في البّر الاعظم الذي هو برّ المحبة ( روما ١٣ / ٨-١٠ ) ، آمــــــــــــين.