HTML مخصص
13 Dec
13Dec

إنَّهُ شهر ميلاد الربّ يسوع المسيح.

"إنّي أبشّركم بفرح عظيم" ، وهذه البشرى هي أنّنا خُلّصنا: " ولد لكم اليوم مخلّص "، أي صرنا أبناء الله، "وهو المسيح الربّ ". 

خلاص الإنسان ليس أن يتخلّص من الخطيئة وما تجرّه عليه وحسب، بل خصوصًا أن يرتقي ببَشريَّته كلّها ولو لم تكن خاطئة، ليلبس الألوهة.

إنّ الخطيئة لم تمسّ العذراء. 

ومع ذلك فإنّ العذراء قد نالت هي أيضًا الخلاص والفداء أي حياة الله، تلك التي مُنحت لنا نحن أيضًا بميلاد المسيح يسوع.

فإنّ مشروع الله، إنّ تدبيره، أكبر بكثير من أن يمحو خطيئة أو يغفر زلّة وحسب، بل تبدو إزاءه كلُّ خطيئة هباء لا يُذكر.

وهذا بيّن في مثل الابن الشاطر أو كما يسمّيه البعض أيضًا مثل الأب الرحيم.

فإنّ خطيئة الابن هي أنّه بطيشه وزَهْوه استعجل قسمة الميراث كما استعجل آدمُ وحوّاء قطف الشجرة.

إنّ الأب قد غفر لابنه حتّى قبل أن يعود إليه.

لكنّه كان راغبًا ومريدًا خصوصًا أن يعود الابن إلى البيت، إلى أحضانه، ليكون معه، ليشركه في كلّ ما هو له.

ما عادت معصية الابن هاجسَ الأب بل كان الهاجس رجوعه إلى البيت الأبويّ.

أجل، بالميلاد تغيّرت طبيعتنا، سكن فينا الروح القدس، وصِرنا أبناء لله ندعوه  " أبّا أيّها الآب". 

ولا شكّ أنّه ما من خطيئة مهما عظمت تقدر أن تسقط عنّا هذه البنوّة.

لكنّ المطلوب منّا هو أن نتصرّف ونسلك بمقتضى هذه البنوّة. 

علينا أن لا نجعل من هذه البنوّة، من هذه الحريّة، فرصة للجسد، كما يطلب منّا القدّيس بولس. 

كذلك، رسالتنا نحن المسيحيّين هي بعد اليوم أن نبشّر بأبوّة الله للبشر وببنوّتهم له، وأن نعمل على تجسيدها في العالم بكلِّ مفاعيلها، وأن نحارب كلّ ما يشوّهها، كلّ ما يقف عقبة دون تجسيدها منذ اليوم وفي كلّ مظاهر حياتنا ومناحيها.

إنّ أبوّة الله للبشر أجمعين تحدّد لي كيف أقف منهم وأسلك معهم: إنّهم جديرون باحترامي وتقديري ومحبّتي وخدمتي وتضحيتي. 

بالميلاد شارَكنا المسيح في إنسانيّتنا وشاركناه نحن في ألوهته.

وقد عَلَّمَنا كيف نسلك بمقتضى طبيعتنا الجديدة هذه. فلنأتمَّ به، فرحين بنعمة الميلاد والبنوّة وشاكرين عليها.

وكما فعل هو، لننصر المظلومين وننتصر للحقّ، لنعطِ الفقراء ولنستقبل المنبوذين والمهمّشين، لنحرّر المستغلّين والمقيّدين، لنعمل من أجل السلام انطلاقنا من عائلتنا إلى مجتمعنا إلى وطننا إلى العالم كلّه. 

"المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرّة"؟ كيف لا نعلن مع الملاك "إنّي أبشّركم بفرح عظيم وُلد لكم مخلّص"؟

كيف لا نرحّب مع الكون بالطفل الإلهيّ يسوع المسيح. آمــــــــــــين.


/الخوري جان بيار الخوري/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.