هلمّوا نذهب إلى بيت لحم، فنرى ما حدث، ذاك الذي أخبرَنا به الرب” ( لوقا ٢ / ١٥ ).
ليس عن عبث أن تكون بيت لحم أي “بيت الخبز”، بحسب أصل الكلمة السريانية الآرامية، المكان الذي فيه سيولد مَن نزل مِن السماء ليكون خبز الحياة للناس، هو الذي بدأ حجّه الأرضيّ من مذودٍ في مغارة.
في هذا المذود سَنَجِدُ: طفلَ عذراء، مسيحَ إسرائيل، مخلّصَ العالم، وابنَ الله.
يا لهذا السرّ ويا لهذه الأعجوبة! يعجز العقل عن التفكير عندما يحاول أن يتصوّر كيف يمكن أن يصبح “الأزلي” طفلاً، وكيف يمكن اختزال “اللامتناهي” في أبعاد الزمن، وكيف يمكن أن يصبح “الخالق” واحداً مع خليقته.
فالإبن تجسّد حتى يكشف عن الآب السماوي، ويعيدنا اليه، ويمحو خطايانا، فنصبح شركاء في طبيعته الإلهية.
هلمّوا نذهب إلى بيت لحم، لنعاين الإله – الطفل المقمَّط والمُضجَع في مذود، إذ من أجل فدائنا، وجب أن يكون مخلّصنا إنساناً أيضاً.
فإنّ فداء الإنسان الخاطئ، الضعيف والعاجز، كان الهدف الأسمى من ولادة المخلّص.
أمام مذود بيت لحم، نرى تلك العائلة المقدّسة التي أدهشت العالم بوداعتها وهي تحتضن الطفل العجيب، كلمة الآب المتأنِّس لخلاصنا! نلتقي بمريم “أمَة الرب” ( لوقا ١ / ٣٨)، هذه الأمّ التي تتأمّل وحيدها، تقدّمه لأولئك الذين يأتون لزيارته، نوراً للبشر السالكين في الظلمة ورجاءً للخليقة جمعاء.
كما نعجب بيوسف البارّ، الرجل الصامت والأب المربّي، واقفاً بجانب مريم والطفل، يحميهما ويحرسهما.
وباقترابنا من الطفل الإلهي، نعانق يسوع بإنسانيّته، ونشعر بعظمة تضحية الحبّ الإلهي، ونتعلّم من يسوع معنى الحبّ الكامل، هذا الإله الذي ارتضى أن يتأنّس ويُولَد في مذود حقير من أجل خلاصنا.
“لقد أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة، مولوداً في حكم الشريعة، ليفتدي الذين هم في حكم الشريعة، لنصير نحن أبناء الله” (غلاطية ٤ / ٤ - ٥ ).
وُلِد يسوع في مذود صغير، ولَبِسَ جسدنا البشري ليهب الخلاص للبشرية التي أحبّها حبّاً عظيماً، هذه هي البشرى السارّة، وهذا هو أساس وجودنا وجوهر حياتنا. آمــــــــــــين.