HTML مخصص
04 Dec
04Dec

 إنَّهُ شهر ميلاد الربّ يسوع المسيح.


بميلاد الرب يسوع المسيح، يصبح الله إنساناً، ويسكن بين البشر، ليؤلّه الإنسان.

إنه الحدث الأعظم والأبهى في تاريخ البشر وتاريخ الخلاص، على حدّ تعبير يوحنّا الرسول في إنجيله.

في العهد القديم، لم تكن كلمة الله رسالةً يدركها العقل وتُوجَّه إلى البشر فحسب، بل هي حقيقة ديناميكية وقوّة تحقِّق الإنجازات التي يقصدها الله.

في سفر التكوين، تمّ الخلق بالكلمة: وقال الله ليكن… لتكن… ( تكوين ١ ).

لم تسقط كلمة واحدة من جميع كلمات الخير والأقوال الصالحة التي تكلّم الرب بها (يشوع بن نون ٢١ /  ٤٥ ) و (١ ملوك ٨ / ٥٦ ).

فلمّا تمّ ملء الزمان، أرسل الله ابنه مولوداً لامرأة، مولوداً في حكم الشريعة، ليفتدي الذين هم في حكم الشريعة، فننال التبنّي ( غلاطية ٤/٤-٥ ).

في سرّ التجسّد، ميلاد الطفل الأعجوبة يسوع الذي تمّ في ملء الزمان، تحقّق الخلاص والفداء للبشر أجمعين، فكلمة الله صار بشراً، وأشرق مجد الله، وحلّ السلام على الأرض، واستقرّ الرجاء في القلوب، وحظي البشر بنعمة البنوّة لله.

وبميلاده انقشع النور الإلهي في ظلمة العالم، ووهب الحياة للبشرية من خلال البشرى التي أعلنها الملاك لرعاة بيت لحم، حيث سُمعت أناشيد ليتورجية السماء التي تَردّد صداها في ليتورجية الأرض.

أُحصي ابن الله في سجلات البشر، لكي يُحصي جميع الناس المؤمنين به في سجلّ الخلاص الأبدي.

وُلد في بساطة المذود وفقره، ليؤسّس في العالم نهج التواضع والبساطة والغنى بالله.

الميلاد تبادُلٌ عجيبٌ بين الله الكلمة والبشر في الميلاد، يصبح الإله المتجسّد بشراً، يهبنا ألوهيته، ونحن بشخص مريم ويوسف نبادله بشريتنا.

وهبَتْه الأرض مغارة، وهو منحها كنيسةً ومائدة خلاص. 

الأمبراطورية الرومانية أعدّت له شعباً محصيّاً وأرضاً موحَّدة وسلاماً شاملاً، وهو أعطاها مملكةً سماويةً تهب ممالك الأرض سيادة الحق وكرامة العدل وقدسية الإنسان.

قدّم له الرعاة حملاً من ماشيتهم، وهو وهبنا ذاته حملاً فصحياً. 

المجوس قدّموا له رموزاً، وهو منحنا النبوءة والكهنوت والملوكية.

وفي الخلاصة إنّ الإله صار إنساناً ليؤلّه الإنسان، على حدّ تعبير القديس أمبروسيوس. 

والقديس البابا لاون الكبير يشير إلى أنّ الإبن الوحيد ولدَنا بميلاده أبناءً لله، فلم يعُد كلّ واحدٍ منّا فقط من نسل أبيه بحسب الجسد، بل أيضاً وخاصّةً من نسل المخلِّص الذي صار بشراً.

لقد وُلد الطفل الإلهي يسوع من مريم البتول، التي حبلت به بقوّة الروح القدس، وهو سيخلّص الجنس البشري: وُلد لكم اليوم مخلّص في مدينة داود، وهو المسيح الرب (لوقا ٢ / ١١ ). 

وأنشد الملائكة لتحقيق مجد الله المكتوم منذ الدهور، والرجاء في قلوب البشر، والسلام على الأرض.

المسيح المولود هو المخلّص الوحيد، ورجاء الشعوب، وسلام القلوب والأمم.

وها هو القديس مار يعقوب السروجي يعبّر عن تجسّد كلمة الله الذي صار بشراً، فيقول: المجد للآب الذي أرسل كلمته فصار بشراً، السجود للإبن الذي لا يُحَدّ وقد حدّه المذود، الشكر للروح الذي حرّك المجد بفم الملائكة، فهتفوا قائلين المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام والرجاء الصالح لبني البشر  .  آمــــــــــــين.


/الخوري جان بيار الخوري/

Taxi Pro Max ads
تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.