الكلمة صار بشراً، لكي ندرك محبّة الله، فبالميلاد ظهرت لنا محبّة الله الذي يريدنا أن نحيا بكلمته المتجسّد، وبه نصبح أبناءً لله، وإخوةً بعضنا لبعض، إذ أراد أنّ المؤمن به لا يهلك، بل ينال الحياة الأبدية ( يوحنا ٣ / ١٦ ).
شاء الله أن يجعلنا شركاء في طبيعته الإلهية، ابن الله صار ابن الإنسان، بحيث أنّ الإنسان، بدخوله في شركة مع الكلمة – الإبن، يصبح ابن الله، بحسب تعبير القديس إيريناوس.
وابن الله صار إنساناً لكي نستطيع أن نصبح الله، كما يقول القديس أثناسيوس.
والقديس توما الأكويني يقول: أصبح الله إنساناً لكي يجعل البشر آلهة.
وُلد يسوع إنساناً، آخذاً الطبيعة البشرية وهو الإله، في البساطة والفقر، في مذود حقير وعائلة فقيرة، وكان الرعاة أوّل شهود هذا الحدث العظيم.
فيسوع الطفل هو المثال الحقيقي والقدوة ومنبع كلّ غنى.
في الميلاد، خالقُ الإنسان يصبح إنساناً مولوداً من عذراء، نحن أصبحنا شركاء في ألوهية المسيح الذي واضع نفسه ليشاركنا في بشريتنا (التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية ٥٢٦ ).
الطفل الإلهي هو المخلّص المولود، كلمة الله، الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس الذي صار بشراً وسكن بيننا ( يوحنا ١ / ١٤ ).
إنه الإبن الذي كلّمنا به الله في آخر الأيّام، والذي به أنشأ العالمين وجعله وارثاً لكلّ شيء.
وهو شعاع مجد الله، وصورة جوهره، وضابط الكلّ بكلمة قدرته (عبرانيين ١ / ١-٣ ).
في قانون الإيمان نردّد: من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا، نزل (يسوع المسيح ابن الله الوحيد) من السماء وتجسّد من الروح القدس ومن مريم العذراء وصار إنساناً.
هدف الرب يسوع أن يخلّصنا مصالحاً إيّانا مع الله، الذي أحبّنا، فأرسل ابنه كفّارةً عن خطايانا.
هذا كلّه دفع برعاة بيت لحم أن يغادروا المغارة عائدين إلى حقولهم ومواشيهم وهم يمجّدون الله ويسبّحونه على كلّ ما سمعوا ورأوا كما قيل لهم من الملاك ( لوقا ٢ / ٢٠ ).
لقد منحهم الله – الكلمة الذي صار جسداً معنىً لوجودهم وحياتهم، فبدون الله الكلمة لا معنى ولا جدوى للحياة.
وُلد المسيح في مذود ليخلّص العالم، تواضع الخالق ليعلّمنا التواضع والبساطة، ولكن حين ننظر إلى الأحداث المفجعة حولنا، وما تمرّ به أوطاننا الحبيبة في لبنان وغزة ، مروراً بالأراضي المقدسة ، نجد أنّ الرجاء قد غاب عن العديد من الأفراد والشعوب في عالمنا اليوم.
فالحروب والدمار تعمّ منطقتنا، ولا يبقى لنا سوى الرجاء في السلام الآتي مع ملك السلام، السلام الحقيقي، السلام لشعوبنا وبلداننا.
ونصلّي كي تعرف أرضنا الأمن شرطاً أساسياً لتقدُّم لشعوبها، فتتوقّف الحروب والصراعات التي تعصف بها منذ عشرات السنوات، وتعرف أوطاننا الأمان وشعوبنا الطمأنينة، ونعيش مع إخوتنا وشركائنا في الأوطان بالألفة والمحبّة التي جاء ملك السلام ربّنا يسوع المسيح مبشّراً بها، في كنف حكّام عادلين أمناء على مصالح شعوبهم، غير مرتهَنين لسياساتٍ ومشاريع لا تجلب سوى الدمار وعدم الإستقرار.
إنّ وطننا الغالي لبنان لا يزال يرزح تحت وطأة أوضاعٍ اقتصاديةٍ متردّيةٍ تثقل كاهل المواطنين اللبنانيين، إضافةً إلى العبء المتفاقم بسبب وجود نحو مليوني نازح على أرضه، لكنّنا نرى في هذه الظلمة فسحةَ أملٍ تضيء لنا للمستقبل كالنجمة التي أضاءت طريق المجوس نحو الرب يسوع. آمــــــــــــين.