ميلاد يسوع المسيح هو ينبوع فرح، لقد كانت البشرية تنتظر هذا المولود العجيب، منذ نشأتها، وبعد ان سقط الانسان الاول في المعصية، وعد الله الناس بانه سيرسل اليهم مخلصا.
لقد جاء في تعليم الكنيسة الكاثوليكية: “ان الانسان، ولو مشوها بالخطيئة والموت، ظل على صورة الله، وصورة الابن، لكنه حرم مجد الله، ومثاله تعالى.
ودشن الوعد الذي قطعه الله لابراهيم عهد الخلاص الذي سيتخذ الابن بنهايته “الصورة”، ويصلحها لتكون على شبه الآب باعطائه اياهاالمجد، والروح، معطي الحياة”.
وهكذا عاشت البشرية آلاف السنين، وهي تنتظر مجيء المخلص الموعود، على ما جاء في الكتاب المقدس: “اقطري ايتها السماوات من فوق، ولتمطر الغيوم الصديق”.
ووفى الله بوعده في ملء الزمن، على ما جاء في رسالة القديس يوحنا الاولى، حيث يقول: “المسيح الذي عينه الله قبل انشاء العالم، وأعلنه في آخر الازمنة، من أجلكم، وانتم بفضله تؤمنون بالله، الذي أقامه من بين الاموات ومجده، حتى يكون الله غاية ايمانكم ورجائكم”.
وجاء المسيح، فكان مولده، كأحقر ما يولد انسان، لكنه كان ينبوع فرح للناس.
وهذا ما بشر به الملاك مولده، عندما قال للرعاة، الذين كانوا يحرسون قطعانهم، ويسهرون عليها في هجمات الليل، قائلا:” لا تخافوا، فها انا أبشركم بفرح عظيم يكون للشعب كله”.
هذا الفرح لا يشعر به الا أنقياء القلوب الذين لا يضمرون حقدا وضغينة لاحد من الناس، ولا يتوخون من دنياهم الا العمل بارادة الله، مرددين ما علمنا السيد المسيح ان نقول في الصلاة الربية: “لتكن مشيئتك على الارض، كما في السماء”.
وهذا هو المهم، لا بل الاهم، اي ان نعمل بمشيئة الله، ونقبل منه ما يمن به علينا متمثلين بأيوب الصديق الذي عابت عليه امرأته صبره على الشدائد، فاذا به يقول لها: “انما كلامك كلام احدى السفيهات” أنقبل الخير من الله، ولا نقبل منه الشر”؟ وعلى الرغم من كل الضيقات التي تعرض لها بولس الرسول، كان يقول: “اني أفرح بالآلام التي أعانيها من أجلكم، وأتم في جسدي ما نقص من آلام المسيح، من أجل جسده الذي هو الكنيسة”.
الحقيقة الراهنة التي لا تقبل الجدل، هي ان الانسان لا يمكنه ما دام على قيد الحياة ان يواصلها دون رجاء.
والروح القدس هو الذي يعلمنا ان نحتفل بالطقوس بانتظار مجيء المسيح، وهو الذي يعلمنا ان نصلي بالرجاء.
وعلى العكس من ذلك، ان صلاة الكنيسة، والصلاة الشخصية، تغذيان فينا الرجاء.
والمزامير هي لنا ينبوع رجاء عندما تقول: “انتظرت الرب انتظارا، فالتفت الي، واستمع الى استغاثتي”. آمــــــــــــين.