HTML مخصص
18 Mar
18Mar

هناك أشخاص يقولون لنا يا أبونا :

"ما يدخل الفم لا ينجّس الإنسان بل ما يخرج من الفم هذا ينجس الإنسان" (متى  ١٥ / ١١ ). 

جوابي : فمن الواضح أن الرب لا يعني بقوله هذا  ألاّ نصوم ، وهو الذي بيّن لنا كيفية الصوم المقبول لدى الله.


إنما أراد بقوله تفنيد اعتراض الفريسيين على تلاميذه عندما  وجدوهم يأكلون دون أن  يغسلوا أيديهم هذه الطقوس للفريسيين التي كانوا يعتبرونها ضرورية لتنقية الإنسان قبل تناول الطعام ، فمهما كانت يداه نظيفتين ، عليه أن يمارس تلك الطقوس الشكلية ليعتبر نظيفاً. 


كما كانت لهم طريقتهم الخاصة بغسل الطعام ، فما لم تطبق كانوا يعتبرون الطعام غير طاهر. 


فدحض الرب يسوع آراءهم الباطلة ، وبيّن لهم أهمية نقاوة القلب قائلاً :

"ما يدخل الفم لا ينجس الإنسان بل ما يخرج من الفم هذا ينجّس الإنسان".  


وهذا يعني أن ما يخرج من قلب الإنسان الخاطئ من أفكار أثيمة ، وأقوال بذيئة وأعمال مشينة هي التي تنجّس الإنسان. 

فالصوم إذن وضع إلهي ، وترتيب سماوي ، مارسه الرب يسوع  بنفسه وعلّمنا أن نتمسّك به وفوّض إلى رسله الأطهار ليحددوا مواعيده وكيفية ممارسته ليكون خير وسيلة يعبّر بها المؤمنون عن إيمانهم بالرب وتمسّكهم بفرائضه وتفضيلهم الروح على الجسد والحياة الملائكية على العيشة المادية الدنيوية.

سنّ الرب يسوع شريعة الصوم ، وتسلّمه الرسل منه مبدأً روحياً. 

أما مناسباته ، ومدته ، وكيفيته فهي ضمن مسؤولية الكنيسة التي منحها الرب سلطاناً روحياً عندما قال لرسله الأطهار :

"من يسمع منكم يسمع مني ، والذي يرذلكم يرذلني ، والذي يرذلني يرذل الذي أرسلني".  (لوقا  ١٠ / ١٦ ) .

بهذا السلطان الروحي الذي نالته الكنيسة من الرب ، رتّبت الأصوام القانونية العامة ، وألزمت الاكليروس والشعب التمسّك بها فصاروا تحت طائلة الخطية إذا لم يطيعوا أوامرها ، لأن السماع منها هو السماع من الرب ، والتمرّد على أوامرها يُعدّ تمرداً على الرب.

فمارس الإكليروس والشعب ، منذ فجر المسيحية ، الصوم الذي هو الانقطاع عن الطعام والشراب في مدة حددتها الكنيسة ، وامتنعوا عن اللحوم ومنتجاتها عند الإفطار في أيام الصيام ، واتّفقت كل الكنائس الرسولية في كل مكان في العالم على تقديس مبدأ الصوم واعتبرته دائماً ، وضعاً إلهياً وفريضة مقدّسة. آمــــــــــــين. 


/الخوري جان بيار الخوري/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.